تقع المفردة في غاية الأهمية في دراسة بلاغة القرآن، من حيث إنها الوحدة المكونة للآيات، وإنها عنصر فعّال في توصيل المعنى إلى المتلقّي بصورة بيانية، ومن حيث إن الكلام الرّبّاني محكم متماسك لا غنى فيه عن مفردة، بل عن حرف.
وقد تبين لنا في هذا البحث أن جمال المفردة مرئيّ من حيث التصوير، وسمعي من حيث متعة الأنغام، ونفسي من حيث إمتاع الوجدان وموافقة المواقف.
وقدّمنا الجمال البصري على الجمال السمعي لكثرة الاهتمام به، إذ رأينا أن الأسلاف الميامين يعنون بالجمال البصري، ويبذلون الكثير في تبيينه، لأنه أعلق بالصورة البيانية، وسنذكر أهم الاستنتاجات التي توصّل إليها البحث:
١ - أسهمت المفردة القرآنية في تبيين جمال الصورة البيانية، فكانت عنصرا مهما من عناصر الجمال البصري، لأنها حلقة الوصل بين المعنى وبين توصيله بصورة جمالية رفيعة.
فالمفردة القرآنية تجسّم المعاني وتحيلها إلى مشاهدات بعد أن تكون دفينة مكنونة ومشاعر ومجرّدات، ومن جوانب هذا الجمال البصري إسباغ الصّفات الآدمية على الجمادات، فالمفردة تشخّص، فترتفع بالأشياء بعد أن تلقي عليها الأحاسيس واللواعج البشرية، كما أنّها تصوّر الحركة المنشودة المناسبة للموقف وتترجم بسرعة الحركة أو بطئها المشاعر الخبيئة.
ومما أسهم في تصوير الجمال البصري ذكر أسماء من الطبيعة الجامدة والحيوان، ووجدنا أن ما استعير منهما كان مناسبا للمواقف، ومتميزا بطابع الاستمرار والشّمول، ورأينا أن القرآن اقتصر على الصّفات القبيحة في الحيوان لدى الاستعانة بها في تصوير الكفار والمنافقين، كما أنّه نفى الحياة عن النبات المستعار، ليدلّل على صفة الجمود في تفكير الكفار، وإصرارهم الفارغ