امتازت اللغة العربية بمقدرة فائقة في جانب الاشتقاقات الصرفية، وهذه الميزة أغنتها عن المزيد من المفردات، والدلالة الصرفية تتعيّن في لغتنا من داخل التشكيل الصوتي غالبا، وذلك بخلاف اللغات الأخرى التي تجنح غالبا إلى السّوابق واللواحق في الوصول إلى دلائل جديدة.
ونعني بالصيغة هنا ورود الكلمة على حالة معيّنة من بين الصّيغ التي نجدها في تصريف الكلمة، وسنبحث في هذه الفقرة في أثر صيغ بعض مفردات القرآن من خلال بعض دارسي الإعجاز.
ومن نظر نظرة متفحّص وجد أن الدارسين القدامى انطلقوا من معيار لغوي واضح في تملّي جمال الصّيغة ومناسبتها للنص، وربطوا بين اللفظ وبين المدلول من خلال الصّيغة الصرفية.
[- إشارة ابن جني:]
لقد اهتمّ ابن جني بقضية محاكاة الأصوات لظواهر الطبيعة، وقد أثار هذه الفكرة في مصنّفه النفيس «الخصائص»، وأشار إلى ارتباط صيغة «فعلان» بحالة الاضطراب والحركة، واهتمّ بمحاكاة الحروف والحركات، يقول:«قال الخليل: كأنهم توهّموا في صوت الجندب استطالة ومدّا، فقالوا: صرّ وتوهّموا في صوت الباز تقطيعا، فقالوا: صرصر، وقال سيبويه في المصادر التي جاءت على الفعلان: إنّها توالي حركات الأفعال- الأحداث-»«١».
ويسرد أوزانا أخرى توافق ما ذكره الخليل وسيبويه، وهذه المحاكاة لم يصرّح بها دارسو الإعجاز، وذلك لعدم تأتّي التّعليل، إلا في القليل النادر، فلم يجدوا منه شيئا في القرآن.
وقد استفاد الزمخشري من هذا في تفسيره الآية الكريمة: إِنَّ الدَّارَ