للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المتهكّم في إنكاره من إمالة اليد والرأس، بهذين المدّين إلى الأسفل والأعلى» «١».

وإذا أقمنا موازنة في تلقّي غريب القرآن، فإنّنا نفضّل نظرة الرافعي على نظرة ابن أبي الإصبع، فالأخير يكتفي بوجهة علمية على الأغلب، ونظرة الرافعي والمحدثين على أغلبهم علمية وتأمّلية معا، فكلمة «ضيزى» تجسّم بحركاتها حركة المتهكّم، وهذا هو الشاهد الوحيد الذي عبّر فيه الرافعي عن تجسيم الصوت للمعنى.

لقد استنكر البيومي تأكيد ابن أبي الإصبع على وجود الغريب قائلا:

«فما توهّمه المؤلف من الغرابة في الألفاظ لا دليل يؤيّده، إلا إذا كان لفظ «حرضا» باعث هذه الغرابة، واللفظ الواحد لا يضرب مثلا لتناسب الألفاظ في الجملة» «٢».

فقد غابت عن ذهنه الغاية الجزئية في هذا الشاهد، وكان يجدر بالباحث المعاصر أن يشيد بنظرة سلفه بدلا من قطع العلاقة بين اللفظ والمعنى بحجّة سهولة ألفاظ القرآن ودورانها على الألسن، ففي الآية كلمات مجلجلة بصوتها، تصور الموقف بدقّة فائقة.

ولا يقدّم ابن قيم الجوزية ما هو جديد في هذا المجال، فكتابه لا يتّسم بالأصالة، إذ يتكئ فيه على آراء سابقيه «٣» بالنقل الحرفي على الأغلب، وذلك لا يقتصر على هذا المجال، بل يشتمل وجوه البلاغة القرآنية كافة.

[- الفروق عند الزركشي:]

ينفي الزركشي الترادف قائلا: «على المفسّر مراعاة الاستعمالات، والقطع بعدم الترادف، ما أمكن .. فمن ذلك «الخوف» و «الخشية» لا يكاد اللغوي يفرّق بينهما، ولا شكّ أن الخشية أعلى من الخوف، وهي أشدّ


(١) الرافعي، مصطفى صادق، إعجاز القرآن، ص/ ٢٣٠.
(٢) البيومي، د. محمد رجب، خطوات في التفسير، ص/ ٢٧٨.
(٣) انظر كتاب ابن قيم الجوزية، الفوائد، ص/ ١٤٥.

<<  <   >  >>