للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي ظلال عطفهما ورعايتهما «١».

فهذه الكلمة التي هي ظرف مكان، تثير كوامن من الرحمة في أعماق الإنسان وتسمو به، مع أنها كلمة عادية، إذ اكتسبت هذه الظلال نتيجة وجودها ضمن هذا الموضوع رعاية الوالدين.

ويدلنا محمد سعيد رمضان على إيثار العفو على القصاص في الإسلام، فيلمّح القرآن إلى سبيل التراحم مع تقريره لحدود الله، فعن حدّ القتل قال عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الَّذِينَ

آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ

«٢».

يقول رمضان: وانظر إلى طبيعة هذه الكلمة- أخيه- وموقعها من الآية إنها تذكّر وليّ المقتول تذكيرا دون أن تأمره أو توجّهه إلى شيء، كلمة تحاول بتصويرها العاطفي المباشر أن تذكّر وليّ القصاص بأنه أخ قريب للقائل، وأن تنسيه أنه وليّ للمقتول» «٣».

لقد استطاع الدارسون أن يربطوا وجود الكلمة بسياق الآية، فبيّنوا حاجة المقام إليها، واستحقاقها بالمكان، وتفرّدها به، وقد عوّلوا على منطق اللغة العربية فكان معيارا واضحا.

وعوّلوا على التذوق، فكان معيارا ناجحا على الأغلب في تأملات القدامى منهم، لأن بعض المحدثين اعتمدوا الإسقاط النفسي الشخصي كما رأينا، ولم يكن إجمال القدامى يدلّ على خطل أو تعسّف، وقد دأب القدامى في الإحاطة بالأمر، وغالبا ما استعانوا بالفروق ليبيّنوا أهمية المفردة، فكانوا موضوعيين.

ولا بد من الإشارة إلى أن ظاهرة التكرار التي ورد شيء منها في الفقرة هذه لا تدل على تحجر، بل تدل على إجلال اللاحق للسابق، ويمكن أن نلتمس


(١) البوطي، د. محمد سعيد رمضان، منهج تربوي فريد في القرآن، ص/ ١. دار الفارابي دمشق: ٧٠.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٧٨.
(٣) البوطي، د. محمد سعيد رمضان، منهج تربوي: ٧١.

<<  <   >  >>