كتاب جمع القرآن - دراسة تحليلية لمروياته

المبحث الثاني دراسة روايات في كتب أهل السنة يساء فهمها في صحة نقل القرآن - الرواية الثانية عشرة: - ص: 306

والتأويل محتمل، وقد أوله القاضي وغيره على إنكار الكتابة) «١».

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأهما في الصلاة، وهذا في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر: (فإن استطعت أن لا تفوتك قراءتهما في الصلاة فافعل) «٢».

وروي عن عقبة بن عامر الجهني أيضا في صحيح ابن خزيمة، قال: كنت أقود ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، فقال: يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟ فعلمني: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (١) «٣»، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١) «٤»، فهذه أخبار بنص الرسول صلى الله عليه وسلم على أنها قرآن منزل «٥».

وعلى فرض صحة الرواية- كما ذكر ابن حجر- من أنه حذف المعوذتين وكذلك الفاتحة، أو حكها، فالجواب عن هذا الاحتمال كما يأتي:

١ - فأما ما روي من حكه إياهما في المصحف فذلك بعيد، ويحتمل أن يكون حك الفواتح والفواصل، ويحتمل أن يكون رآها مكتوبة في غير موضعها الذي يجب أن تكتب فيه، ويمكن أن يكون رآها كتبت مغيرة بضرب من التغيير فحكها، وقال: لا تخلطوا به ما ليس منه، يعني فساد النظم «٦».

٢ - إن عدم كتابتهما أو حكهما لا يستلزم إنكار كونهما من القرآن، لجواز أنه

---

(١) ينظر: فتح الباري لابن حجر، كتاب التفسير: ٨/ ٩٦٤؛ والمدخل لدراسة القرآن الكريم لمحمد أبي شهبة: ٢٥٨.
(٢) صحيح مسلم، كتاب فضائل القرآن وما يتعلق به، كتاب فضل قراءة المعوذتين، رقم (٨١٤): ١/ ٥٥٨.
(٣) سورة الفلق، الآية (١).
(٤) سورة الناس، الآية (١).
(٥) صحيح ابن خزيمة، باب قراءة المعوذتين في الصلاة ضد قول من زعم أن المعوذتين ليستا من القرآن، رقم (٥٣٥): ١/ ٢٦٨؛ وينظر: نكت الانتصار للباقلاني: ٩١.
(٦) نكت الانتصار للباقلاني: ٩٣ - ٩٤.