هناك ثلاثة مناهج، وسنتحدث عن الجانب العقدي فقط، بحيث يكون عندنا تكامل في هذا الموضوع: المنهج الأول: منهج التشديد في التعامل مع النوازل: ولا شك أن التشديد معناه الشرعي: الغلو، وهو يعتبر منهجاً من المناهج التي يتعامل بعض الناس به مع النوازل.
ومن النماذج على ذلك في الجانب الفقهي: التعصب المذهبي، والتمسك بالظاهرية في فهم النصوص، والمنع والتحريم لمجرد الاحتياط فقط، ففي فترة من الفترات بعض الناس منع زراعة العنب بحجة أن العنب إذا زرع فسيستخدمه بعض الناس في الخمر، أو منع المجاورة بين الناس؛ لأنه يفضي إلى المعاكسة وهذا منهج ضال منحرف.
أما في الجانب العقدي فمن أمثلته: أهل الغلو الذين يتعاملون مع الناس بطريقة غير صحيحة فيما يتعلق بالنوازل التي حدثت، مثلاً: تكفير المحكومين بغير الشريعة، وهذا منهج الخوارج، فقد كفروا كل الشعوب الإسلامية لأنها محكومة بغير ما أنزل الله، وقالوا: إن هذه الشعوب سكتت عن الحكم بغير ما أنزل الله، وبناءً على ذلك فهي كافرة، وبعضهم أقل غلواً في هذا، فيقول: نحن لا نكفر من صرح بالبراءة، وقد يأتي بعض الذين يعطلون شريعة الله عز وجل فيصفقون له ويفرحون به ويبكون من أجله، ونسي أن كثيراً منهم قد يكون مغرراً به، وقد يكون بعض هؤلاء لا يعرف شيئاً من هذه الحقائق، والكفر له مناط ليس مفتوحاً، وبمجرد الظاهر يمكن للإنسان أن يحكم على الباطن مباشرة، فكفروا كل من يذهب إلى محكمة مدنية من أجل أن يستخرج حقاً له، أو من دخل في مجلس أو برلمان من أجل الإصلاح وهذه مسألة من مسائل النوازل، وهي: هل يجوز للدعاة والمصلحين الدخول في الانتخابات في الدول التي تحكم بالديمقراطية من أجل دفع الضرر عن المسلمين واستجلاب المصالح لهم أو لا يجوز؟ هذه قضية من القضايا الشائكة العقدية، وهي من النوازل التي تحتاج إلى تبيين، فبعض أهل الغلو كفر هؤلاء الأشخاص الذين اجتهدوا فدخلوا في الانتخابات، مع أنهم يصرحون أن التشريع لله، وأن الحكم لا يجوز إلا بشريعة الله عز وجل، ومع أن مناطات التكفير في هذه المسائل غير موجودة فيهم.
المنهج الثاني: منهج التساهل: وهو العمل بالرخص فيما يتعلق بالنوازل، وبلغ التساهل عند البعض إلى درجة تقديم المصلحة على النصوص الشرعية، فبعض الناس يقول: إن النظام الربوي في البنوك مصلحة محققة يجب أن نعمل بها، وأن نلغي النصوص الواردة في الربا.
وهذا منهج منحرف، والتعبير بكلمة تساهل ربما يكون فيها تساهل، لأن أمثال هؤلاء يعطلون الدين، ويبدلونه ويغيرون أحكام شريعة الله عز وجل.
ومثله التلفيق في الأحكام: وهذا يعتبر من النوازل.
وبعض المفتين يفتي في كثير من قضايا النوازل بناءً على قاعدة التسهيل، فإذا وجد مثلاً فتوى لأهل العلم يمكن أن توظف في إجازة عمل من الأعمال يفتي به، مثلاً: هل يجوز للأمة الإسلامية أن تحكم بالديمقراطية الغربية، سواء كانت على شكل آلة من الآلات أو كانت على شكل تشريع؟ فبعض المفتين أفتوا بالجواز مطلقاً، واحتجوا على ذلك بأن الإسلام لا يعارض العدل، والديمقراطية تحقق العدل، وأن الإسلام لا يعارض الحرية، والديمقراطية تحقق الحرية، ويتم سرد المفاهيم العامة ويبين أن الإسلام لا يعارضها؛ فأفتى بناءً على ذلك بجواز تطبيق الديمقراطية في البلاد الإسلامية.
المنهج الثالث: هو المنهج الوسط: وهو الوحيد الذي يتبع الدليل الشرعي، ويعتمد على طريقة الاستنباط المجمع عليه عند أهل العلم.