للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الحكم بالقوانين الوضعية في البلاد الإسلامية]

من الأمثلة في النوازل العقدية: الحكم بالقوانين الوضعية في البلاد الإسلامية بالصورة المعاصرة؛ إذ لم يمر في تاريخ المسلمين أن حُكِّم غير شرع الله عز وجل بالصورة الموجودة في الواقع الذي نعيشه الآن، فأكثر البلاد الإسلامية في زماننا هذا أزيحت الشريعة عن الحكم إلا في قضايا الأحوال الشخصية فقط، وسميت: القوانين المدنية، أما قضايا الأموال والدماء والمنازعات على اختلافها وأشكالها فلا يحكم فيها بالشريعة، وإنما تستورد قوانين وضعية، وأحياناً قد يطبق القانون بأكمله، وأحياناً قد يحصل تلفيق بين مجموعة من القوانين، ثم يخرجون بقانون معين يحكمون به الناس.

هذه المصيبة والباقعة الكبرى والنازلة العظيمة التي تتعلق بالأحكام الوضعية في البلاد الإسلامية حصل بسببها خلاف كبير، ومشكلات عظيمة جداً، وتفرعت إلى أنواع متعددة مثلاً: هل هي دول مسلمة أو ليست بدول مسلمة؟ وترتب عليها أيضاً الحكم على الدار الذي يكون فيه هذا الوضع الجديد: هل هو دار إسلام أو دار كفر؟ والمحاكم بالطبع أصبحت في داخل بلاد المسلمين ويرتادها المسلمون بأعداد كبيرة، فما حكم الذين يرتادون هذه المحاكم وهم يأتون لتحكيم غير ما أنزل الله عز وجل.

وترتب عليها: ما حكم الخروج على هذه الدول التي تحكم بغير ما أنزل الله، ونحَّت شريعة الله عز وجل عن الحكم؟ وترتب عليها: ما حكم العمل في هذه الحكومات التي تحكم بغير ما أنزل الله؟ فهل يجوز أن ينخرط الإنسان في عمل بأحدى هذه الدول؟ وهل يجوز للإنسان أن يتولى وزارة من الوزارات فيها؟ وهل يجوز للإنسان أن ينضم إلى جيش من الجيوش التي تكون تابعة لهذه البلاد؟ وهل يجوز للإنسان أن يدرس في مدارسها؟ ترتب أيضاً على هذه المسألة: ما حكم الناس وشعوب الدول التي تحكم بغير ما أنزل الله: هل هي شعوب مسلمة أم كافرة؟ وبناءً على هذا: هل يترتب على هذا جواز أكل الذبائح مثلاً؟ إلى قضايا تفصيلية كثيرة جداً، وربما لا أبالغ لو قلت: إن قضايا لا حصر لها ترتبت على هذه الباقعة وعلى هذه الداهية التي دهت بلاد المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>