مسألة أخرى وهي البلية الكبرى التي ابتليت بها البلاد الإسلامية، وهي تحكيم القانون الوضعي في البلاد الإسلامية، وما يترتب عليه من قضايا متعددة ومختلفة.
والقانون الوضعي فيه تبديل لحكم الله وتغيير لأحكام الشريعة.
ولا شك في أن هذا كفر مخرج عن دائرة الإسلام، ويكفر كذلك القاضي الذي يحكم بهواه وشهوته في مسألة من المسائل أو أكثر، مع بقاء أصل الحكم بالشريعة عنده؛ لأنه تبديل وتغيير للدين، وهو استحلال والذي يقرأ القوانين الوضعية الموجودة الآن يجد أنها صريحة في الاستحلال.
وأحياناً قد يختلف بعض الناس ويكون خلافهم في موضوع الخلاف الحقيقي الذي هو ميدان التطبيق، فمثلاً بعض الناس يختلفون هل الحاكم الذي يعتقد، أو القانون الذي ليس فيه استحلال ويعتقد صاحبه المشرع له أو الحاكم به أن حكم الله أفضل منه، وأنه ليس مثل حكم الله، وغير مساوٍ له ويعترف بالتقصير والذنب، فهل يعتبر هذا كفراً.
فنقول: هذه الحالة ليس لها وجود؛ لأن القانون الوضعي أصلاً هو استحلال ونصوصه تقول: يجوز كذا وكذا وكذا، ولا يجوز كذا وكذا وكذا، فلماذا نناقش قضية لا وجود لها أصلاً في الحقيقة؟! ومن يريد أن يتأكد فليقرأ مواد القوانين الموجودة فإنها صريحة في الاستحلال فالمسألة في حقيقتها مجمع عليها حتى عند المرجئة، فالمرجئة يتفقون مع أهل السنة في أن هذه القوانين تنقض أصل الدين؛ لأنها صريحة في الاستحلال وما يكتب ويحكم به ويقر هو مثلما ينطقه الإنسان؛ لأنهم يقولون: إن الاستحلال أمر قلبي، ولابد أن يعبر عنه الإنسان باللسان، ويقولون: إن الاستحلال الصريح هو أن يعبر عنه الإنسان كأن يقول: يجوز أخذ فائدة ربوية مقدارها خمسة في المائة أو عشرة في المائة.
أو أن الرجل إذا زنى بامرأة متزوجة فتغرم مبلغ وقدره كذا، وإذا كانت غير متزوجة فيطلق سراحها بكفالة، مثلاً.
فالخلاف أحياناً في مسألة من المسائل قد يكون خارجاً عن إطار الموضوع المطروح في الحقيقة.
فالقانون الوضعي لا شك في أنه كفر مخرج عن دائرة الإسلام، ويمكن مراجعة كتاب تحكيم القوانين الوضعية للشيخ محمد بن إبراهيم، وكتاب الحكم بغير ما أنزل الله للشيخ عبد الرحمن المحمود، وقد نُقل عن عدد كبير من أهل العلم منهم: ابن كثير، والشيخ أحمد شاكر، والشيخ ابن باز، وأيضاً الشيخ ابن عثيمين، نصوص كثيرة في هذا الموضوع، تبين أن هذه القوانين كفر مخرج عن دائرة الإسلام وهو كتاب كبير، وفيه تفصيلات كثيرة.