ومع الأسف فإن بعض الفقهاء المتأثرين بضغوط العصر أفتوا بجواز أن يقترض المسلمون من هذه البنوك من أجل أن يسكنوا، وعللوا ذلك بتعليل يدل على عدم فهمهم لمقاصد الشريعة ومعانيها، كما عللوا دخول المسلمين الذين أسلموا في أمريكا في الجيش الأمريكي، وجواز خروجهم مع الجيش: بأن هذه قد تكون حالة ضرورة؛ لأنه إذا ترك الجيش فإنه يعرض للهلاك بترك الوظيفة وقالوا: إن السكن من الضروريات وهذه حقيقة، وبناء على هذا فإنه يجوز لهم أن يقترضوا من هذه البنوك؛ لأنهم مضطرون.
والمقدمة الأولى صحيحة، وأما المقدمة الثانية المبنية عليها ففاسدة؛ لأنه ليس من لوازم السكن أن يقترض لبناء بيت، بل قد يستأجر مدى الحياة، وليس هناك مانع لأن يستأجر الإنسان مدى الحياة، ولا أن يعرض دينه للخطر والسكن الذي هو من الضروريات هو السكن الأساسي الذي لا يجد الإنسان وسيلة لتركه إلا بتعرضه للهلاك بالبقاء في الشارع، بمعنى: أن الإنسان إذا تيقن أنه سيبقى تحت الشمس ولن يجد سكناً أو مأوى يؤويه وليس أمامه إلا أن يقترض ليبني بيتاً فهذه الحالة قد تدخل في باب الضرورة وهي غير موجودة؛ لأنه يمكن أن يستأجر أو يستعير أو يأخذ من الزكاة ويشتري بيتاً فهناك بدائل متعددة، وليس هناك حصر للوسائل التي يمكن له أن يحصل بها على سكن.