القاعدة الخامسة: بطلان الحكم الذي يعود على أصل عقدي بالنقض: لأن أصول العقيدة لا يسوغ فيها الاجتهاد، فأي حكم من الأحكام المتعلقة بالنوازل يعود على أصل عقدي بالنقض فهذا الحكم باطل؛ لأن أصول العقيدة ليست مجالاً للاجتهاد.
فمثلاً: الديمقراطية مذهب في الحكم جديد، بل أصبح الآن موضة العصر -إن صح التعبير- مع الأسف الشديد، فالديمقراطية نازلة من النوازل، لكن لو أن إنساناً قال: إن الديمقراطية نظام يتوافق مع الإسلام، وإن الديمقراطية ليس فيها أي إشكال شرعي، وأفتى بجواز تطبيقها في البلاد الإسلامية، فنقول: هذا الحكم باطل؛ لأنه يعود على أساس عقدي بالإبطال.
والأساس العقدي الذي يعود عليه هذا الحكم بالإبطال هو: أن التشريع حق خاص لله عز وجل لا يشاركه فيه أحد، والله عز وجل يقول:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}[يوسف:٤٠]، والنصوص الواردة في الحكم بما أنزل الله تملأ القرآن والسنة، منها قوله سبحانه:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة:٤٤]، وقوله:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}[التوبة:٣١]، وغير ذلك من النصوص الواردة في أن التشريع حق خاص لله عز وجل لا يشركه فيه أحد، والطاعة المطلقة إنما تكون فيما أمر الله عز وجل وما أمر به رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالقول بأن الديمقراطية تصلح أن تكون نظام حكم في البلاد الإسلامية قول يترتب عليه نقض أصل من أصول العقيدة، وهو: وجوب التحاكم إلى القرآن والسنة والتحاكم إلى الشريعة، ووجوب أن يكون مصدر التشريع هو الإسلام فقط دون غيره، وهذه المسألة لا تقبل الخلاف.