انطلاقا من الأغراض الأساسية للقرآن، وتطبيقا للمهمة العملية الحركية له، فإن القارئ البصير لا بد أن يلاحظ البعد الواقعى لآيات القرآن، وأن يلتفت إلى انطباقها على الواقع المعاصر، وأن يدرك معالجتها له وتقويمها لأموره وإصلاحها لمناهجه ومظاهر الحياة فيه ..
إن القارئ عند ما يحرر الآيات من قيود الزمان والمكان، سيجدها آيات معجزة حية، تصف له حياته، وتتحدث له عن واقعه، وتهتم بالقضايا والمشكلات التى حوله .. إنه عند ما يقرأ سور القرآن على هذا الأساس سيجدها سورا حية حكيمة متفاعلة قائدة وموجهة .. وعند ما ينظر للقرآن بهذا المنطق سيجده صديقا ودودا مؤنسا أليفا حبيبا يناجيه ويخاطبه ويعيش معه .. ويصحبه فى رحلة شيقة ممتعة، ويقوده فى انطلاقة حكيمة مبصرة لعالمه الواقعى، وحياته المعاشة .. سيجد هذا القارئ القرآن وسوره كما وجد ذلك سيد قطب، عند ما أدرك كيف يتعامل مع القرآن، ويلاحظ البعد الواقعى لنصوصه وتوجيهاته، والذى عبر عن ما وجده فيه بقوله: (هكذا عدت أتصور سور القرآن، وهكذا عدت أحسها، وهكذا عدت أتعامل معها. بعد طول الصحبة، وطول الألفة، وطول التعامل مع كل منها وفق طباعه واتجاهاته وملامحه وسماته.