حتى تكون تلاوة القرآن نافعة، وحتى تعطى ثمارها من التدبر والتأثر والاستقامة، وحتى تؤدى كما كان يؤديها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام، فلا بدّ من ملاحظة آدابها والالتزام بها ومراعاتها قبيل التلاوة وأثناءها.
وقد استخرج العلماء هذه الآداب من خلال تعاملهم مع القرآن، حيث عرفوا بعضها من سنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وسيرة أصحابه، وأدركوا بعضها من خلال تعاملهم الحى مع القرآن الكريم، وتجربتهم الغنية معه.
ومعظم الذين كتبوا عن تلاوة القرآن عرضوا لطائفة من آدابها ومستحباتها، وحذروا من مكروهاتها. ومن أشهر الذين تحدثوا عن ذلك حجة الإسلام أبو حامد الغزالى حيث عرض عشرة من أعمال الباطن- فى نفس القارئ- للقرآن. ومن هؤلاء الإمام النووى الذى ألّف كتابا ممتعا نافعا هو «التبيان فى آداب حملة القرآن» وخصص البابين الخامس والسادس منه لآداب التلاوة .. وقد اطلع السيوطى على ما ذكره الغزالى والنووى- وغيرهما من العلماء- عن آداب التلاوة فأورد فى كتابه:«الإتقان فى علوم القرآن» طائفة من هذه الآداب .. أما الكاتبون المعاصرون عن القرآن فقد عرضوا طائفة من آداب التلاوة التى ذكرها العلماء، ومنهم الإمام حسن البنا فى رسالته «المأثورات»، ونبيه عبد ربه فى رسالته «كيف نحيا بالقرآن»؟.
وسوف أضع بين يدى القارئ الكريم أهم هذه الآداب، بأخصر الألفاظ وأوجزها وأوفاها.