إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلوات الله وسلامه عليه.
أما بعد:
فقد أوجب الله على المسلمين تدبر كتابه، وتكرار النظر فيه، فقال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)[النساء: ٨٢].
وقد بيّنت الآية الثانية السبب الذى يحول بين المسلم وبين تدبر القرآن، وهو الأقفال الكثيرة التى توضع على القلوب، فتدعها فى غفلتها وظلامها وموتها، لا تحيا بالقرآن، ولا تصلها أنواره، ولا تتعامل معه، وهى تدعو أصحاب هذه القلوب إلى تكسير تلك الأقفال وإزالتها، وإلى فتح حنايا قلوبهم لهدى القرآن ونوره وضياءه، لتشرق بالنور وتدب فيها الحياة.