قد يجمع القارئ مقرراته وثقافاته من مصادر عديدة، وقد تكون هذه المصادر متعارضة أو متداخلة أو متناقضة، فينعكس هذا على مقرراته التى أخذها وثقافته التى حصلها، فيكون مشوشا فى فكره، متناقضا فى تصوراته، متعارضا فى نظراته .. وهذا حال كثير من المثقفين فى عصرنا، الذين استقوا علومهم من الينابيع الملوثة، وحصلوا ثقافاتهم من المصادر الغربية الدخيلة ..
والقرآن الكريم وحده هو النبع الصافى الثر الأصيل، الذى يخرج الإنسان المسلم المتوازن، والذى يزوده بالتصورات والحقائق والقيم والثقافات الصحيحة الصادقة اليقينية .. ولكن القرآن لن يفعل هذا إلّا بشرط، وهو أن يدخل القارئ عالم القرآن بدون مقررات سابقة كان قد حصلها من هنا وهناك من نتاج البشر .. هو أن يلقى على عتبة القرآن بكل هذا الركام وأن يدخله مجردا منه، وأن يتعامل معه من البدايات، وأن يتلقى عنه المعانى والإيحاءات والتصورات ..
إن هذا ما فعله الصحابة الكرام فى تعاملهم مع القرآن- فكانوا جيلا قرآنيا فريدا- لقد كان الرجل منهم يلقى على عتبة القرآن بكل ماضيه وتصوراته وموروثاته .. ويدخل عالمه الرحيب الطاهر صفر اليدين، ويبنى