ننتقل الآن إلى كلام أهل القرآن حول القرآن، من الصحابة والتابعين والعلماء اللاحقين، لنورد طائفة من أقوالهم وعباراتهم التى يتحدثون بها عنه، ويعرضون ما يلاحظونه من سماته وأوصافه، وما يعيشون من حقائقه ولطائفه وظلاله، وما يجدون من آثاره وأغراضه ومهمته.
ونبدأ هذه الأقوال بعرض طائفة من أقوال الصحابة الكرام، الذين هم الجيل القرآنى الفريد، وأكثر الناس دراية بالقرآن وحياة به، وعلما بموضوعاته، وإدراكا لسماته وصفاته.
١ - روى الترمذى عن الحارث بن عبد الله الهمدانى- الأعور- قال: مررت فى المسجد، فإذا الناس يخوضون فى الأحاديث، فدخلت فأخبرته، فقال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال أما إنى سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: ألا إنها ستكون فتنة، قلت: فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذى لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضى عجائبه، وهو الذى لم تنته الجن إذا سمعته حتى قالوا: إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى