مرّ معنا أن من أهداف القرآن الأساسية قيادة الأمة المسلمة فى مواجهتها مع الجاهلية من حولها. وذلك لأن الجاهلية لن تدع الأمة المسلمة تعيش حياتها، بل استعلن عليها حربا بدون هوادة .. وهذه بدهية يدركها من له أدنى تدبر للقرآن، وتفحص للتاريخ الإنسانى الذى يسجل الحرب بين الحق والباطل .. ونتج عن هذا وغيره إدراك المهمة العملية الحركية للقرآن، هذه المهمة التى تعين القارئ على إدراك البعد الواقعى لنصوص القرآن، وعلى الحركة به فى الواقع، والنظر إلى أحداث الحياة من حوله بمنظار القرآن ووزنه بميزانه ..
فإذا ما أدرك القارئ كل هذا، ووقف عليه، فلا بد أن يواجه أعداءه بالقرآن، وأن يعاملهم على أساسه، وأن يجاهدهم به، وأن يقف فى وجه مكائدهم ومؤامراتهم، وأن يرد سهامهم وحربهم، وأن يكون زاده فى هذا كله هو القرآن الكريم .. والقرآن قادر بإذن الله على أداء هذا، على أتم صورة، وأدق أداء ..
هذا ما فعله السابقون مع أعداء هذا الدين، وقد وجدوا عند القرآن ما بحثوا عنه، ونجحوا فى مواجهة هؤلاء والوقوف أمامهم والانتصار عليهم، لأنهم سمحوا للقرآن أن يقودهم وأن يوجههم وأن يحركهم فى مواقعهم ..