وفى عصرنا الحاضر نجد أن المادية الجاهلية- التى يسمونها خطأ «الحضارة الغربية» قد تداعت- بمختلف أنظمتها ودولها ومبادئها ومذاهبها- على الأمة المسلمة، ووجهت لحربها كل وسائلها وأساليبها، واحتلت من الأمة المسلمة مواقع عديدة من حياتها السياسية والاقتصادية والأخلاقية والاجتماعية والتعليمية.
واستيقظ الأحياء المبصرون العقلاء من الأمة- وهم الملتزمون بالإسلام والداعون إليه عقيدة وعبادة ومنهاج حياة- وواجهوا الهجمة المادية الجاهلية، ووقفوا فى وجهها وردوا على أسلحتها وأساليبها ..
لا بد للقارئ البصير للقرآن الذى يواجه هذه الهجمة، من أن يقبل على القرآن الكريم ليتحرك به ويجاهد من خلاله، لا بد أن يقف فى وجه المادية الجاهلية، وأن يواجهها على أساس هذا القرآن. وأن تكون نظرته إليها كنظرة سيد قطب الذى استعان بالقرآن فى مواجهته لها فنجح .. وفى ذلك يقول:«وعشت- فى ظلال القرآن- أنظر من علو إلى الجاهلية التى تموج فى الأرض، وإلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة .. أنظر إلى تعاجب أهل هذه الجاهلية لما لديهم من معرفة الأطفال، وتصورات الأطفال،
واهتمامات الأطفال .. كما ينظر الكبير إلى عبث الأطفال، ومحاولات الأطفال، ولثغة الأطفال .. وأعجب .. ما بال هؤلاء الناس؟ ..
وعشت أتملى ذلك التصور الكامل الشامل الرفيع النظيف للوجود ..
وأقيس إليه تصورات الجاهلية التى تعيش فيها البشرية فى شرق وغرب، وفى شمال وجنوب. وأسأل كيف تعيش البشرية فى المستنقع الآسن، وفى الدرك الهابط، وفى الظلام البهيم، وعندها ذلك المرتع الزكى، وذلك المرتقى العالى، وذلك النور الوضيء؟ .. » [الظلال: ١/ ١١].