سبق وأن أشرنا فى آداب التلاوة إلى أن القارئ لا بدّ أن يأخذ القرآن على أنه موجه له هو، وأن الخطاب يعنيه هو .. وها نحن نورد هذا هنا لأهميته، ولحسن تدبر القرآن والتعامل معه وفقهه ..
وقبل حديثنا عنه نحب أن نورد كلام الإمام الغزالى رحمة الله فى الإحياء عنه «التخصيص: وهو أن يقدّر أنه المقصود بكل خطاب فى القرآن، فإن سمع أمرا أو نهيا قدّر أنه المنهى والمأمور، وإن سمع وعدا أو وعيدا فكمثل ذلك، وإن سمع قصص الأولين والأنبياء علم أن السمر غير مقصود، وإنما المقصود ليعتبر به وليأخذ من تضاعيفه ما يحتاج إليه .. » إلى أن يقول: «وإذا قصد بالخطاب جميع الناس فقد قصد الآحاد، فهذا القارئ الواحد مقصود، فماله ولسائر الناس، فليقدّر أنه المقصود، قال الله تعالى: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام: ١٩]، قال محمد بن كعب القرظى: من بلغه القرآن فكأنما كلمه الله .. وإذا قدّر ذلك لم يتخذ قراءة القرآن عمله، بل يقرأه كما يقرأ العبد كتاب مولاه الذى كتبه إليه ليتأمله ويعمل بمقتضاه .. ولذلك قال بعض العلماء: هذا القرآن رسائل أتتنا من قبل ربنا عز وجل بعهوده، فنتدبرها فى الصلوات، ونقف عليها فى الخطوات، وننفذها فى الطاعات والسنن المتبعات .. »[إحياء علوم الدين: