به منا، وأعظم حرصا على أن يعيشوا به منا، ويحولوه من توجيهات نظرية إلى حقائق حياتية معاشة، ويكونوا الصورة العملية الواقعية الحية لنصوصه وآياته ..
إن التفسير زمن الرسول عليه السلام وأصحابه شمل جانبين: جانب نظرى وهو ما أشرنا إليه، وإلى قلته وضآلته بالقياس إلى الجانب الآخر ..
وهو الجانب العملى التطبيقى الواقعى .. لقد عاش رسول الله عليه الصلاة والسلام بالقرآن عمليا، وكان يحرص على أن يلتزم توجيهاته وأحكامه، وأن ينفذ أوامره
وواجباته، فكان هو بسيرته وحياته أول مفسر للقرآن الكريم .. ولهذا كم كانت السيدة عائشة رضى الله عنها حكيمة وذكية ونافذة البصر والبصيرة، عند ما كان جوابها على سؤال وجه إليها عن خلق رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقالت:«كان خلقه القرآن»، وكأنها تعنى ما قلناه من أن سيرته وحياته وخلقه وسلوكه تفسير لتوجيهات وآيات القرآن .. وبهذا الفهم للتفسير لا بدّ أن ننظر إلى صلة الصحابة بالقرآن وإلى ممارستهم لحياتهم الواقعية اليومية، فقد كانوا جيلا قرآنيا فريدا يعيشون بالقرآن عمليا، وكان القرآن حاضرا متجددا معهم، ويمكن أن تستخرج من نصوصه صورة شبه متكاملة لحياة الصحابة ومستواهم الإيمانى، والتزامهم العملى، ووقوعهم أحيانا فى تقصيرات وأخطاء يسيرة عالجها القرآن فى وقتها .. إن أى ناظر فى كتب أسباب النزول وفى سيرة رسول الله عليه السلام، وفى مغازيه وجهاده، وفى الكتب التى تحدثت عن حياة الصحابة وطبقاتهم ومناقبهم .. سيقف على ثروة ضخمة لهؤلاء الكرام، يصدق عليها أنها تفسير عملى للقرآن الكريم .. فلماذا نستبعد كل هذه الثروة الغنية، ونكتفى بألفاظ وكلمات يسيرة منقولة عنهم فى تفسير القرآن؟ وكثير منها لم يصح سنده؟