متجانسة، وأن يتعامل معها على أن لها شخصية مستقلة متميزة متفردة، شخصية تربط موضوعها الرئيسي بموضوعات دروسها ومقاطعها، بخيوط دقيقة متينة يلحظها المتدبر البصير ..
يقول سيد قطب:«ومن ثم يلحظ من يعيش فى ظلال القرآن أن لكل سورة من سوره شخصية مميزة! شخصية لها روح يعيش معها القلب كما لو كان يعيش مع روح حى مميز الملامح والسمات والأنفاس! ولها موضوع رئيسي أو عدة موضوعات رئيسية مشدودة إلى محور خاص! ولها جو خاص يظلل موضوعاتها كلها، ويجعل سياقها يتناول هذه الموضوعات من جوانب معينة. تحقق التناسق بينها وفق هذا الجو. ولها إيقاع موسيقى خاص- إذا تغير فى ثنايا السياق فإنما يتغير لمناسبة موضوعية خاصة ..
وهذا طابع عام فى سور القرآن جميعا .. » [الظلال ١/ ٢٨].
ويقول فى تقديمه لسورة الأعراف «إن كل سورة من سور القرآن ذات شخصية متفردة، وذات ملامح متميزة، وذات منهج خاص، وذات أسلوب معين، وذات مجال متخصص فى علاج هذا الموضوع الواحد، وهذه القضية الكبيرة .. إنها كلها تتجمع على الموضوع والغاية ثم تأخذ بعد ذلك سماتها المستقلة، وطرائقها المتميزة ومجالها المتخصص فى علاج هذا الموضع، وتحقيق هذه الغاية ..
إن الشأن فى سور القرآن- من هذه الوجهة- كالشأن فى نماذج البشر التى جعلها الله متميزة .. كلهم إنسان، وكلهم له خصائص الإنسانية، وكلهم له التكوين العضوى والوظيفى الإنسانى .. ولكنهم بعد ذلك نماذج منوعة أشد التنويع .. نماذج فيها الأشباه القريبة الملامح، وفيها الأغيار التى لا تجمعها إلّا الخصائص الإنسانية العامة ..