للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إننا نكاد نطالب قارئ القرآن أولا أن يقتصر عليه، ونطلب منه أن يستبعد المباحث والاستطرادات التى ذهب إليها دارسو القرآن ومفسروه من السابقين.

وهذه المطولات والمباحث مختلفة: منها النحوية المتعلقة باختلافات النحويين فى وجوه إعراب الكلمات القرآنية، ونقاشاتهم وترجيحاتهم ..

ومنها البلاغية المتعلقة بالكلمة القرآنية ومعانيها واشتقاقاتها والخلافات والترجيحات فيها .. ومنها الفقهية المتعلقة باختلافات الفقهاء فى الأحكام الفقهية المستنبطة من النص وردودهم وأدلتهم وتوجيهاتهم .. ومنها الأثرية المتعلقة بنزول الآيات وأسبابها وزمانها ومكانها والأقوال المأثورة المتعارضة عن السابقين فى تفسيرها .. ومنها القصصية المتعلقة بقصص القرآن وحديثه عن السابقين، والخلافات فى تحديد القصة أو زمانها أو أبطالها وتفصيلاتها وأحداثها ومجرياتها .. إلى غير ذلك من الأساطير والإسرائليات والخرافات.

إذا قرأ قارئ قوله تعالى: وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ (٣٠) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٣١) [البقرة: ٣٠ - ٣١]، فليبق فى جو هذه الآيات التى تعرض قصة آدم، ليتلقى إيحاءاتها .. ولا يخرج إلى مباحث مطولة واستطرادات مرفوضة قام بها بعض السابقين، تشغل هذا القارئ عن معايشة النصوص، وتحجب عنه أنواره: لا يهتم بالاختلاف فى اشتقاق كلمة «الملائكة» والنقاش بين الآراء المختلفة فيه، ولا يذهب إلى تيه التأويلات الافتراضية حول كيفية قول الله لملائكته، وجوابهم عليه، ومعرفتهم أو توقعهم الإفساد وسفك الدماء من نسل هذا الخليفة وأدلتهم

<<  <   >  >>