ومباحث ومناهج حياة، وهى أنهم ليسوا على شيء، ولا يتصفون بالمنهجية ولا بالعلمية ولا بالتوثيق والاتزان، وذلك لأنهم يستخرجون من المقدمات الصحيحة نتائج خاطئة باطلة، وكان الأولى أن يقطفوا منها ثمارا صحيحة، فالله هو الخالق الباري وحده فكيف يعدل عنه إلى غيره؟ ويساوى به غيره وهو عاجز عن فعل أى شيء؟ ..
ومنها أن الآية تقرر أن العدل عدلان: عدل محمود مطلوب وهو المساواة بين المتساويين المتماثلين، وهو العدل بين الناس والتسوية بينهم، وهو ما طولب به المسلمون أساتذة العالم .. وعدل مذموم مرفوض، وهو فى حقيقته ظلم، وهو المساواة بين غير المتساويين، وعدم ملاحظة الفروق بينهما، كالمساواة بين المؤمن والكافر فى التكريم، أو المساواة بين المؤمن والعدو فى الموالاة والمحبة، أو المساواة بين المؤمنين والمجرمين فى الحياة، والمساواة بين الله فى عظمته وبين البشر فى ضعفهم فى العبادة والدينونة والخضوع .. وغير ذلك.
وما هى إيحاءات وظلال ولطائف قوله تعالى فى صفة الأنصار وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هاجَرَ إِلَيْهِمْ [الحشر: ٩] وعلى الأخص ما هى ظلال ولطائف الصورة المجسمة المؤثرة لتبوء الإيمان- بعد التمتع بتملّى ما فيها من تجسيم فنى للإيمان المعنوى، حيث عرض فى صورة مادية إذ أصبح كالبيت يدخل فيه الإنسان ويتبوأ له فيه مقعدا، ويلاحظ القارئ البصير بخياله اليقظ حركة هذا الإيمان، وقد تحول إلى بيت صالح للإقامة فيه، وحركة المؤمن وهو يدلف إلى هذا البيت الإيمان ليتبوأ فيه مسكنا- إنه يعرض لطائف ندية، ويلقى ظلالا وارفة .. ويطالب كل مؤمن أن يقيم فى بيت من إيمان خالص، وأن ينصب عليه قبة من إيمان، وأن يستظل بمظلة من إيمان، وأن لا تفارقه فى لحظة من لحظات