للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجحود والامتحان قدره الله على الملائكة فى خلق آدم وعلى ابليس فى السجود لآدم وعلى الأنبياء فى تحمل البلايا، وعلى الأولياء فى القيام بالجهاد الشديد للنفس والدنيا وقدره على بنى الإنسان أجمع ليقف كل إنسان عند حده فلا يدعى الولاية الشديدة مخالف ولا يدعى التقوى عاص، حكمة بالغة، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «أشدكم بلاء الأنبياء، ثم الأولياء، ثم الأمثل، فالامثل» والذى يثبت فى الامتحان وينال شهادة من الله بها رفعة شأنه وعلو قدره واحترامه فى الدنيا والآخرة والكلمات هى الأوامر الالهية التى كلف الله بها خليله وقدرها عليه فصبر وثبت ورضى، فمن ذلك: ابتلاه بالرمى فى النار، ومن ذلك ابتلاه بأخذ السيدة هاجر وابنها إسماعيل والتوجه بهما إلى أرض الحجاز بجوار الكعبة حيث لا ماء ولا ظل ولا أنيس، فثبت وسلم ولده وزوجته لله تعالى فهو أرحم من إبراهيم بولده وزوجته، ومن ذلك ابتلاه بذبح ولده إسماعيل وكلفه ببناء البيت والقيام بإرشاد الحق له بأعمال الفطرة الحنيفة فنفذ الخليل كل ذلك، فشهد له الحق بقوله (فاتمهن) يعنى قام بالواجب بصدر رحب وعزم صادق فلما وفى نال مقام الوفاء فمنحه الله مقام الصفاء وأعلى ذكره فى القرآن وبشره بعد الثبات فى الامتحان بقوله: «قال إنى جاعلك للناس إماما» يعنى صيرتك قدوة للعباد، والسيد إبراهيم محبوب عند كل طوائف الامم ومعناه أب رحيم وهو من ذرية سام ابن نوح عليه السلام، وكأن الحق تعالى يقول إننى لم أمنح خليلى رتبة التقدم والامامة إلا بعد الامتحان والنجاح فيه وقد امتحن الله المؤمنين بقوله:

أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ.

(العنكبوت: ٢) ولما بسط الحق بساط الانس والمال للخليل وبشره بالبشرى التى تشرح الصدور بقوله إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً طمع الخليل فى وسعة الحق وكرمه فطلب منه نفحة لذريته بقوله قالَ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي يعنى اجعلهم ائمة للعالم، فقال الحق قالَ: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (البقرة:

<<  <   >  >>