فكرة معينة يجتهد بعض العلماء فى اثباتها بما أدلى من قوة الحجة وساطع البرهان.
وجعلت أتناول بالقراءة والدرس جميع الكتب الدينية والكونية والاجتماعية وسائر ما يتعلق منها بعلم النفس، واكببت على ذلك عدة سنين، فاكتسبت علما غزيرا، واتسع أمامى نطاق الحياة، وجال نظرى فى الكائنات جولات أفادتنى فيما أتناوله بالحديث والدرس حتى صرت لا أقتنع بفكرة دون أن أعتنى بدرسها وتمحيصها معتمدا فى ذلك على تجاربى الذهنية التى مرت بى، وقد أفادنى هذا استقلالا فى الفكر واعتمادا على النفس، ورغبة فى استيعاب ما يقع بين يدى من الكتب على اختلاف أنواعها بمصر كما افادنى دقة فى البحث حتى ازال الشك عنى وارتاحت نفسى إلى عقيدة ثابتة.
وبدأ طريق الحياة العلمية الجادة على أسس قوية من العقل والروية والتفكير وفى سنة ١٩٠١ م اصدر كتابه «الاسلام فى عصر العلم» وهو كتاب فى جزءين مناسبين فى وضوح أن الاسلام حث على العلم وأشاد به، ودفع المسلمين إليه وأنه لا تعارض مطلقا بين الاسلام والعلم وما وصل إليه العلم فى العصر الحاضر من آفاق مادية وحضارة صناعية، فان ذلك كله لا يتعارض منه شىء مع الاسلام، بل أن ذلك كله يؤيده الاسلام وكلما تقدم العلم كان تأييدا للاسلام.
وتفرغ للبحث والتأليف فغطى الصحف اليومية الشهيرة بمقالات وبحوث، ومن أبرز هذه الصحف: الاهرام، والجهاد، ثم اشتغل بتحرير مجلة الأزهر وظل رئيسا لتحريرها حتى وافاه الموت فى فبراير سنة ١٩٥٤ م سنة ١٣٧٣ هـ.
والناظر فى حياة مفسرنا الجليل يجد أن نشاطه العلمى كان يمثل تيارا دافقا بالحياة، وأنه قضى حياته الطويلة يدافع عن اهداف محدودة يوضحها ويشرحها ويدفع عنها كل تحريف أو اتهام. وهذه الاهداف: هى الاسلام، والدين، والروحية.