وقد يزعم البعض أن الذين رأوا الله رأوه حال تجسده، ولم يروه على هيئته وفي صورة مجده، ويرون أن المنفي رؤيته هو الله في مجده، وهذا التفريق لا دليل عليه، وتدحضه النصوص التي تحدثت عن أناس رأوا الله في صورة مجده.
منهم إشعيا حيث يقول:"في سنة وفاة عزيا الملك رأيت السيد جالساً على كرسي عال ومرتفع، وأذياله تملأ الهيكل، السرافيم واقفون فوقه، لكل واحد ستة أجنحة، باثنين يغطي وجهه، وباثنين يغطي رجليه، وباثنين يطير .. فقلت: ويل لي، إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عينيّ قد رأتا الملك رب الجنود. فطار إليّ واحد من السرافيم، وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح، ومس بها فمي، وقال: إن هذه قد مست شفتيك فانتزع إثمك وكفر عن خطيتك"(إشعيا ٦/ ١ - ٧)، فقد رأى الله على عرشه وحوله الملائكة، وخاف على نفسه الموت، لأنه رأى الله الذي توعدت النصوص من يراه بالموت.
ومثله ما جاء في سفر الملوك عن رؤية النبي ميخا لله، حيث يقول:"قد رأيت الرب جالساً على كرسيه، وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره ... "(الملوك (١) ٢٢/ ١٩). فميخا حسب النص يرى الله في السماء على كرسيه، وهو بين ملائكته، فهو ليس متجسداً ...
وموسى طلب رؤية الله في مجده، ويذكر سفر الخروج أنه رآه بالفعل، لكنه لم ير وجهه "فقال: أرني مجدك ... قال: لا تقدر أن ترى وجهي، لأن الإنسان لا يراني ويعيش. وقال الرب: هوذا عندي مكان، فتقف على الصخرة. ويكون متى اجتاز مجدي أني أضعك في نقرة من الصخرة، وأسترك بيدي حتى اجتاز. ثم ارفع يدي فتنظر ورائي، وأما وجهي فلا يرى"(الخروج ٣٣/ ١٨ - ٢٣) فتفيد القصة أن وجه الله، أي الحقيقي لا يرى، ومن رآه يموت، لكن جسده الحقيقي رئي من قبل موسى، فقد مر من أمام الصخرة فرآه.