أدرك سوءة العري، فقال له:" من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها؟ "(التكوين ٣/ ١١).
وكذا لما بدأ أهل بابل ببناء مدينتهم وبرجهم، أراد الرب - تعالى عن ذلك - أن يعرف ماذا يصنعون " فنزل الرب لينظر المدينة والبرج الذي كان يبتنيه بنو آدم ... وقال الرب هوذا شعب واحد ولسان واحد لجميعهم، وهذا ابتداؤهم بالعمل، والآن لا يمتنع عليهم كل ما ينوون أن يعملوه"(التكوين ١١/ ٥ - ٦)، فكأنه خشي من اجتماع بني آدم وما يمكن أن ينتج عنه، فقال:"هلم ننزل ونبلبل هناك لسانهم حتى لا يسمع بعضهم لسان بعض، فبددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض، فكفّوا عن بنيان المدينة"(التكوين ١١/ ٧).
- ومن التناقض أيضاً تناقض الأسفار في مسألة وراثة الذنب، ففي سفر الخروج ذكر أن الرب "مفتقد إثم الآباء في الأبناء، وفي أبناء الأبناء، في الجيل الثالث والرابع "(التثنية ٣٤/ ٧) فالأبناء يعاقبون بجريرة آبائهم. وفي سفر حزقيال كذب ذلك فقال:" الابن لا يحمل من إثم أبيه، والأب لا يحمل من إثم الابن، بر البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون"(حزقيال ١٨/ ٢٠).
- وفي سفر حزقيال ينعي الرب على بني إسرائيل أنهم تركوا شريعتهم وعملوا بشرائع الأمم المجاورة، فيقول:" أنا الرب الذي لم تسلكوا في فرائضه، ولم تعملوا بأحكامه، بل عملتم حسب أحكام الأمم الذين حولكم "(حزقيال ١١/ ١٢)، ولكنه ينقضه السفر نفسه، حين يذكر أنهم لم يعملوا بشرائع الله ولا بشرائع الأمم الذين حولهم، فيقول:" لم تسلكوا في فرائضي، ولم تعملوا حسب أحكامي، ولا عملتم حسب أحكام الأمم التي حواليكم "(حزقيال ٥/ ٧)، فهل عملوا وفق أحكام الأمم المجاورة أم لم يعملوا؟
- ويتناقض الكتاب في مسألة عودة بني إسرائيل إلى مصر، ففي بعض المواضع يخبر الكتاب بأن الله توعدهم بإرجوعهم إلى أرض ذلتهم، إلى مصر فقال لهم:"لأن أفرايم كثّر مذابح للخطية؛ صارت له المذابح للخطية .. الآن يذكر إثمهم، ويعاقب خطيتهم، إنهم إلى مصر يرجعون"(هوشع ٨/ ١١ - ١٣)، ويؤكد على هذه العقوبة في الإصحاح التالي بقوله:"لا يسكنون في أرض الرب، بل يرجع أفرايم إلى مصر، ويأكلون النجس في أشور"(هوشع ٩/ ٣).
لكن الكتاب في موضع آخر من نفس السفر يذكر الكتاب أن بني إسرائيل ارتدوا عن عبادة الله وعبدوا البعليم رغم إنعام الرب عليهم وعلى سبط أفرايم خصوصاً، ولذلك عاقبهم بقوله:"وأنا درّجت أفرايم ممسكاً إياهم بأذرعهم، فلم يعرفوا أني شفيتهم .. لا يرجع إلى أرض مصر، بل أشور هو ملكه، لأنهم أبوا أن يرجعوا، يثور السيف في مدنهم، ويتلف عصيّها، ويأكلهم من أجل آرائهم"(هوشع ١١/ ٥ - ٦)، فعقوبتهم - حسب هذه الفقرة - هي عدم إرجاعهم إلى مصر خلافاً للنصين السابقين، لذا يثور السؤال: أيهما هو العقوبة الحقيقية التي توعد الله بها بني إسرائيل؟ العودة إلى مصر أم الحرمان منها؟