للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لم يَرَح رائحةَ الجنة، وإن ريحها ليوجَدُ من مسيرة أربعين عامًا" خرَّجه البخاري (١).

وقد أمر الله تعالى في كتابه بالوفاء بعهود المشركين إذا أقاموا على عهودهم ولم ينقُضوا منها شيئًا.

وأما عهودُ المسلمين فيما بينهم، فالوفاء بها أشدُّ، ونقضُها أعظم إثمًا.

ومِنْ أعظمها: نقضُ عَهدِ الإمام على مَنْ بايعه، ورضِيَ به، وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: "ثلاثةٌ لا يُكلِّمُهُم الله يومَ القيامةِ ولا يُزكِّيهم ولهم عذابٌ أليمٌ، فذكر منهم: ورجلٌ بايع إمامًا لا يُبايعه إلَّا لدنيا، فإن أعطاه ما يريد، وفَّى له، وإلَّا لم يفِ له" (٢).

ويدخل في العُهود التي يجب الوفاء بها، ويحرم الغَدْرُ فيها: جميعُ عقود المسلمين فيما بينهم إذا تَراضَوا عليها من المبايعات والمناكحات وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاءُ بها، وكذلك ما يجبُ الوفاءُ به لله عزَّ وجلَّ ممَّا يعاهدُ العبدُ ربَّه عليه من نذرِ التَّبرُّرِ ونحوه.

الخامس: الخيانةُ في الأمانة، فإذا اؤتمِنَ الرجلُ أمانةً، فالواجبُ عليه أن يُؤدِّيها، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨]، وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أدِّ الأمانة إلى من ائتَمَنَكَ" (٣)، وقال في خطبته في حجة


(١) برقم (٣١٦٦) و (٦٩١٤).
(٢) رواه البخاري (٢٦٧٢)، ومسلم (١٠٨)، والترمذي (١٥٩٥)، وابن ماجه (٢٢٠٧).
(٣) حديث صحيح بشواهده. رواه من حديث أبي هريرة أبو داود (٣٥٣٥)، والترمذي (١٢٦٤)، والدارمي ٢/ ٢٦٤، والدارقطني ٣/ ٣٥، وصححه الحاكم ٣/ ٤٦، ووافقه الذهبي، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وهو كما قال، وفي الباب عن رجل من الصحابة عند أبي داود (٣٥٣٤)، وأحمد ٣/ ٤١٤، وعند البيهقي ١٠/ ٢٧١، وعن أبي =

<<  <  ج: ص:  >  >>