للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ذو النون: ما طابتِ الدُّنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرةُ إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلَّا برؤيته (١).

أبدًا نُفوس الطَّالبيـ … ـن إلى طلُولكم تَحِنُّ

وكَذَا القُلُوبُ بذكرِكُم … بَعْدَ المَخافةِ تَطمئنُّ

جُنَّتْ بحُبِّكُمُ ومَنْ … يَهوى الحَبيبَ ولا يُجَنُّ؟

بِحياتِكُم يا سادتي … جُودُوا بِوصْلِكُم ومُنُّوا

قد سبق حديث: "اذكروا الله حتَّى يقولوا: مجنون" (٢) ولبعضهم:

لقد أكثرتُ من ذِكرا … كَ حَتَّى قِيلَ وَسْوَاسُ

كان أبو مسلم الخولاني كثيرَ الذِّكر، فرآه بعضُ الناس، فأنكر حالَه، فقال لأصحابه: أمجنون صاحبُكم؟ فسمعه أبو مسلم، فقال: لا يا أخي، ولكن هذا دواءُ الجنون.

وحُرمَةِ الودِّ مالي مِنكُم عِوَضٌ … ولَيسَ لي في سِواكُم سَادتِي غَرَضُ

وقَدْ شَرَطْتُ على قومٍ صَحِبتُهُم … بأنَّ قلبي لَكُمْ من دونِهم فرضُوا

ومِنْ حديثي بكُم قالوا: به مَرَضٌ … فقُلْتُ: لا زالَ عنِّي ذلك المَرَضُ

المحبون يستوحشون من كلِّ شاغلٍ يَشغَلُ عن الذكر، فلا شيءَ أحبَّ إليهم من الخلوة بحبيبهم.

قال عيسى عليه السَّلام: يا معشر الحواريين كلِّموا الله كثيرًا، وكلموا الناس قليلًا، قالوا: كيف نكلِّمُ الله كثيرًا؟ قال: اخلوا بمناجاته، اخلوا بدُعائه.

وكان بعضُ السلف يُصلِّي كلَّ يوم ألف ركعة حتَّى أُقعِدَ من رجليه، فكان


(١) "الحلية" ٩/ ٣٧٢.
(٢) تقدم تخريجه ص ٩٨٥، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>