للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من جهله، وسُوء فهمه عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، واللُه ورسولُه بريئانِ من ذلك كلِّه، فسبحانَ مَنْ ليسَ كمثله شيءٌ، وهو السَّميعُ البصيرُ.

قال بكرٌ المزنيُّ: مَنْ مثلُك يا ابنَ آدم: خُلِّي بينَك وبينَ المحراب والماء، كلَّما شئتَ، دخلتَ على اللهِ عزَّ وجلَّ، ليس بينَكَ وبينَه تَرجُمان (١).

ومن وصل إلى استحضارِ هذا في حال ذكره لله وعبادته، استأنسَ بالله، واستوحش مِنْ خلقه ضرورةً.

قال ثور بن يزيد: قرأتُ في بعضِ الكُتب أن عيسى عليه السَّلام قال: يا معشر الحواريِّين، كلِّموا الله كثيرًا، وكلِّموا الناسَ قليلًا، قالوا: كيف نكلِّمُ الله كثيرًا؟ قال: اخلُوا بمناجاته، اخلوا بدُعائه. خرجه أبو نعيم (٢).

وخرَّج أيضًا (٣) بإسناده عن رياح، قال: كان عندنا رجلٌ يصلِّي كلَّ يومٍ وليلةٍ ألفَ ركعة، حتَّى أُقعِدَ من رجليه، فكان يصلِّي جالسًا ألف ركعة، فإذا صلى العصر، احتبى، فاستقبل القبلةَ، ويقول: عجبتُ للخليقةِ كيف أَنسَت بسواك، بل عجبتُ للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكرِ سواكَ.

وقال أبو أسامة: دخلت على محمد بن النَّضر الحارثيِّ، فرأيتُه كأنه منقبضٌ، فقلت: كأنَّك تكره أن تُؤتى؟ قال: أجل، فقلت: أوَما تستوحشُ؟ فقال: كيف أستوحشُ وهو يقولُ: أنا جليسُ مَنْ ذكرني (٤).


(١) ذكره أبو نعيم في "الحلية" ٢/ ٢٢٩.
(٢) في "الحلية" ٦/ ١٩٥.
(٣) ٦/ ١٩٥، ورياح هو ابن عمروٍ القيسي.
(٤) أورد الخبر الذهبي في "السّيَر" ٨/ ١٧٥، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٧٠٩) وعنه السخاوي في "المقاصد الحسنة" ص ٩٦، وقوله: "أنا جليس من ذكرني" لا يصحّ. قال السخاوي: رواه الدّيلمي بلا سند عن عائشة مرفوعًا.
قلت: وفي البخاري (٧٥٠٥) ومسلم من حديث أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - =

<<  <  ج: ص:  >  >>