للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أربعين ليلةً، ومُضغةً أربعين ليلةً، ثم تكونُ عظمًا ولحمًا، فإذا تمَّ أربعة أشهر وعشرًا، نفخ فيه الروح.

فظاهر هذه الرواية أنَّه لا ينفخ فيه الرُّوح إِلَّا بعد تمام أربعةِ أشهر وعشر، كما رُوي عن ابن عباس والروايات التي قبل هذه عن أحمد إنَّما تدلُّ على أنَّه يُنفخ فيه الرُّوح في مدَّة العشر بعد تمام الأربعة، وهذا هو المعروف عنه، وكذا قال ابن المسيب لمَّا سُئِلَ عن عِدَّةِ الوفاة حيث جعلت أربعة أشهر وعشرًا: ما بال العشر؟ قال: ينفخ فيها الروح (١).

وأما أهل الطب، فذكروا أن الجنين إن تصوَّر في خمسة وثلاثين يومًا، تحرَّك في سبعين يومًا، وولد في مئتين وعشرة أيام، وذلك سبعةُ أشهر، وربَّما تقدَّم أيامًا، وتأخر في التصوير والولادة، وإذا كان التصوير في خمسة وأربعين يومًا، تحرَّك في تسعين يومًا، ووُلد في مئتين وسبعين يومًا، وذلك تسعةُ أشهرٍ، والله أعلم.

وأما كتابة الملك، فحديث ابن مسعود يدلُّ على أنَّها تكونُ بعد الأربعة أشهر أيضًا على ما سبق، وفي "الصحيحين" عن أنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "وكَّلَ الله بالرَّحِم مَلَكًا يقول: أي ربِّ نطفة، أي ربِّ علقة، أي ربِّ مضغة؟ فإذا أراد الله أن يقضي خلقًا، قال: يا ربِّ أذكر أم أنثى، أشقيٌّ أم سعيد؟ فما الرزقُ؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه" وظاهر هذا يُوافق حديث ابن مسعود لكن ليس فيه تقدير مدة، وحديث حذيفة بن أسيد الذي تقدم يدلُّ على أن الكتابة تكون في أوَّل الأربعين الثانية، وخرَّجه مسلم أيضًا بلفظٍ آخر من حديث حُذيفة بن أسيد يَبلُغُ به النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "يدخلُ المَلَكُ على النطفة بعد ما تستقرُّ في الرَّحمِ بأربعين أو خمسة وأربعين ليلةً، فيقول: يا ربّ أشقيٌّ أو


(١) البخاري (٦٥٩٥)، ومسلم (٢٦٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>