للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

تبطلُ، والجمهور على أنَّها لا تبطلُ. وهل للورثة الرجوعُ فيها أم لا؟ فيه قولان مشهوران هما روايتان عن أحمد.

ومنها الطلاقُ المنهي عنه، كالطلاق في زمن الحيض، فإنه قد قِيل: إنه قد نُهِيَ عنه لحقِّ الزوج، حيث كان يخشى عليه أن يَعْقُبه فيه النَّدمُ، ومن نُهِيَ عن شيء رفقًا به، فلم ينته عنه، بل فعله وتجشَّم مشقَّته، فإنه لا يحكم ببطلان ما أتى به، كمن صام في المرض أو السفر، أو واصل في الصيام، أو أخرج ماله كله وجلس يتكفَّفُ النَّاسَ، أو صلَّى قائمًا مع تضرُّره بالقيام للمرض، أو اغتسل وهو يخشى على نفسه الضَّرر، أو التَّلفَ ولم يتيمَّم، أو صامَ الدَّهرَ، ولم يفطر، أو قام اللَّيل ولم ينم، وكذلك إذا جمعَ الطَّلاق الثَّلاثَ على القول بتحريمه.

وقيل: إنَّما نهي عن طلاق الحائض، لحقِّ المرأة لما فيه من الإِضرار بها بتطويل العدّة، ولو رضيت بذلك بأن سألته الطَّلاق بعِوَضٍ في الحيض، فهل يزولُ بذلك تحريمُهُ؟ فيه قولان مشهوران للعلماء، والمشهورُ من مذهبنا ومذهب الشَّافعيِّ أنَّه يزولُ التَّحريمُ بذلك، فإن قيل: إن التَّحريم فيه لحقِّ الزوج خاصة، فإذا أقدم عليه، فقد أسقط حقَّه فسقط، وإن علل بأنَّه لحقِّ المرأة، لم يمنع نفوذُه ووقوعُه أيضًا، فإنَّ رضا المرأة بالطلاق غيرُ معتبر لوقوعه عند جميع المسلمين، لم يُخالف فيه سوى شرذِمَةٍ يسيرةٍ مِن الروافض ونحوهم، كما أن رضا الرقيق بالعتق غيرُ معتبرٍ، ولو تضرَّر به، ولكن إذا تضرَّرت المرأةُ بذلك، وكان قد بقي شيء من طلاقها، أمر الزوج بارتجاعها، كما أمر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - ابنَ عمر بارتجاع زوجته تلافيًا منه لضررها، وتلافيًا لما وقع منه من الطلاق المحرَّم حتَّى لا تصير بينونتُها منه ناشئة عن طلاق محرَّمٍ، وليتمكَّن من طلاقها على وجه مباح، فتحصل إبانتُها على هذا الوجه. وقد روي عن أبي الزبير، عن ابن عمر أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ردَّها عليه ولم يرها شيئًا (١)، وهذا ممَّا تفرَّد به أبو الزبير عن أصحاب


(١) رواه أبو داود (٢١٨٥) من طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه =

<<  <  ج: ص:  >  >>