للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

من الحرام بعينه، كما تقدَّم عن مكحول والزُّهريُّ. وروي مثلُه عن الفُضيل بن عياض.

وروي في ذلك آثارٌ عن السلف، فصحَّ عن ابن مسعود أنَّه سُئِلَ عمَّن له جارٌ يأكلُ الرِّبا علانيةً ولا يتحرَّجُ من مال خبيثٍ يأخُذُه يدعوه إلى طعامه، قال: أجيبوهُ، فإنَّما المَهْنأُ لكم والوِزرُ عليه (١). وفي رواية أنَّه قال: لا أعلم له شيئًا إلا خبيثًا أو حرامًا، فقال: أجيبوه. وقد صحح الإمام أحمد هذا عن ابن مسعود، ولكنه عارضه بما رُوي عنه أنَّه قال: الإثم حَوَازُّ القلوب (٢).

وروي عن سلمان مثلُ قولِ ابنِ مسعود الأول (٣)، وعن سعيد بن جبير، والحسن البصري، ومُورِّق العِجلي، وإبراهيم النخعي، وابنِ سيرين وغيرهم، والآثار بذلك موجودة في كتاب "الأدب" لحُمَيد بن زَنجويه، وبعضها في كتاب "الجامع" للخلال، وفي مصنفي عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهم (٤).

ومتى علم أن عينَ الشيءِ حرامٌ، أُخِذَ بوجه محرم، فإنَّه يحرم تناولُه، وقد حَكى الإجماعَ على ذلك ابنُ عبد البر وغيرُه، وقد رُوي عن ابن سيرين في


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (٤٦٧٥) و (٤٦٧٦) وإسناده صحيح.
(٢) رواه الطبراني في "الكبير" (٨٧٤٧) - (٨٧٥٠)، وذكره الهيثمي في "المجمع" ١/ ١٧٦، وقال: رواه الطبراني كلَّه بأسانيد رجالها ثقات.
والحواز: قال في "النهاية": هي الأمور التي تحز في القلوب، أي: تؤثر فيها كما يؤثر الحز في الشيء، وهو ما يخطر فيها من أن تكون معاصي لفقد الطمأنينة إليها، وهي بتشديد الزاي: جمعُ حاز .. ، ورواه شمر: "الإثم حوَّاز القلوب" بتشديد الواو، أي: يحوزها ويتملكها، ويغلب عليها، ويروى: "الإثم حزاز القلوب" بزايين، الأولى مشددة، وهي فعَّال من الحزّ.
(٣) رواه عبد الرزاق (١٤٦٧٧).
(٤) انظر "مصنف عبد الرزاق" ٨/ ١٥٠، ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>