للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الرجل يقضى من الرِّبا، قال: لا بأس به، وعن الرجل يُقضى من القمار قال: لا بأس به، خرّجه الخلّال بإسناد صحيح، ورُوي عن الحسن خلاف هذا، وأنَّه قال: إنَّ هذه المكاسب قد فسدت، فخذوا منها شبه المضطَر.

وعارض المروي عن ابن مسعود وسلمان، ما روي عن أبي بكر الصدِّيق أنَّه أكل طعامًا ثم أخبر أنَّه من حرام، فاستقاءه (١).

وقد يقع الاشتباه في الحكم، لكون الفرع متردِّدًا بين أصول تجتذبُه، كتحريم الرجل زوجته، فإنَّ هذا متردِّدٌ بين تحريم الظِّهار الذي ترفعه الكفَّارةُ الكبرى، وبين تحريم الطَّلقة الواحدة بانقضاء عدَّتها الذي تُباحُ معه الزوجة بعقدٍ جديدٍ، وبين تحريم الطَّلاق الثلاث الذي لا تُباح معه الزوجة بدون زوج وإصابة وبين تحريم الرجل عليه ما أحلَّه الله له مِنَ الطَّعام والشراب الذي لا يحرمه، وإنما يُوجب الكفَّارة الصُّغرى، أو لا يُوجب شيئًا على الاختلاف في ذلك، فمن هاهنا كَثُرَ الاختلافُ في هذه المسألة من زمن الصحابة فمن بعدهم.

وبكلِّ حالٍ، فالأمور المشتبهة التي لا يتبين أنَّها حلال ولا حرام لكثيرٍ مِنَ


(١) رواه البخاري (٣٨٤٢) من طريق القاسم بن محمد، عن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان لأبي بكرٍ غلامٌ يُخرجُ له الخَراجَ، وكان أبو بكرٍ يأكلُ من خَراجِهِ، فجاءَ يومًا بشيءٍ فأكل منه أبو بكرٍ، فقال له الغلامُ: أتدري ما هذا؟ فقال أبو بكرٍ: وما هو؟ قال: كنت تكَهَّنتُ لإنسانٍ في الجاهليَّةِ، وما أُحسن الكهانةَ، إلَّا أني خدعتهُ فأعطاني بذلك، فهذا الذي أكلتَ منه. فأدخل أبو بكرٍ يده فقاء كلَّ شيءٍ في بطنه ".
وقوله: "يخرج له الخراج" أي: يأتيه بكسبه، والخراج: ما يقرره السيد على عبده من مالٍ يحضره له من كسبه. قال الحافظ: والذي يظهر أن أبا بكر إنِّما قاء لما ثبت عنده من النهي عن حلوان الكاهن، وحلوان الكاهن هو ما يأخذه على كهانته، والكاهن: من يخبر بما سيكون عن غير دليل شرعي، وكان ذلك قد كثر في الجاهلية خصوصًا بعد ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم -.

<<  <  ج: ص:  >  >>