للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وسئل ذو النون: متى أُحِبُّ ربي؟ قال: إذا كان ما يُبغضه عندك أمرَّ من الصبر. وقال بشر بن السَّرِي: ليس من أعلام الحبِّ أن تُحبَّ ما يُبغِضُه حبيبك (١) وقال أبو يعقوب النهرجوري (٢): كلُّ من ادَّعى محبةَ الله عزَّ وجلَّ، ولم يُوافَق الله في أمره، فدعواه باطل. وقال رُويم: المحبة الموافقة في كلِّ الأحوال (٣)، وقال يحيى بنُ معاذ: ليسر. بصادقٍ من ادَّعى محبة الله ولم يحفظ حدوده، وعن بعض السلف قال: قرأتُ في بعض الكتب السالفة: من أحبَّ الله لم يكن عنده شيءٍ آثرَ من رضاه، ومن أحبَّ الدنيا لم يكن عنده شيءٍ آثر من هوى نفسه.

وفي " السنن " عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ أعطى لله، ومنع لله، وأحبَّ لله، وأبغض لله، فقد استكمل الِإيمان" (٤) ومعنى هذا أن حركات القلب والجوارح إذا كانت كلُّها لله فقد كَمُلَ إيمانُ العبد بذلك ظاهرًا وباطنًا، ويلزمُ من صلاح حركات القلب صلاحُ حركات الجوارح، فإذا كان القلب صالحًا ليس فيه إلا إرادة الل وارادة ما يريده لم تنبعثِ الجوارحُ إلا فيما يُريده الله، فسارعت إلى ما فيه رضاه، وكَفَّتْ عما يكرهه، وعما يخشى أن يكونَ مما يكرهه وإن لم يتيقن ذلك.

قال الحسن: ما نظرتُ ببصري، ولا نطقتُ بلساني، ولا بطشتُ بيدي، ولا نهضتُ على قدمي حتى أنظر على طاعةٍ أو على معصية؟ فإنَّ كانت طاعةٌ تقدمت، وإن كانت معصية تأخَّرت.


(١) الخير في "الحلية" ٨/ ٣٥٠.
(٢) اسمه إسحاق بن محمد من رجال "الحلية" ١٠/ ٣٥٦.
(٣) ذكره في "الحلية" ١٠/ ٣١١ في ترجمة رويم، وأنشده بإثره ..
ولو قيل لي: مُت مُتُّ سمعًا وطاعةً … وقلت لداعي الموت أهلًا ومرحبا
(٤) حديث حسن وقد تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>