دنيا، لان كان متدينًا بها، وحبّ مَنْ كان منه بسبيلٍ من قرابة، أو صِهرٍ، أو هِجرةٍ أو نُصرةٍ، أو صحبة ساعة من ليلٍ أو نهارٍ على الِإسلام والتشبه به في زبِّه ولباسه.
وأما النصيحةُ لأئمة المسلمين، فحبُّ صلاحِهم ورشدهِم وعدلهم، وحبُّ اجتماع الأمة عليهم، وكراهةُ افتراقِ الأمة عليهم، والتدينُ بطاعتهم في طاعة الله عزَّ وجلَّ، والبغضُ لمن رأى الخروجَ عليهم، وحبُّ إعزازهم في طاعة الله عزَّ وجلَّ.
وأما النصيحةُ للمسلمين، فأن يُحِبَّ لهم ما يُحِبُّ لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، ويُشْفِقَ عليهم، ويرحمَ صغيرهم، ويُوَقِّرَ كبيرَهم، ويَحْزَنَ لحزنهم، ويفرحَ لفرحهم، وإن ضرَّه ذلك في دنياه كرخص أسعارهم، وإن كان في ذلك فواتُ ربح ما يبيعُ من تجارته، وكذلك جميعُ ما يضرُّهم عامة، ويحب صلاحَهم وإلفتَهم ودوامَ النعم عليهم، ونصرَهم على عدوهم، ودفعَ كل أذى ومكروه عنهم.
وقال أبو عمرو بن الصلاح (١): النصيحة كلمةٌ جامعة تتضمَّنُ قيامَ الناصح للمنصوح له بوجوهِ الخير إرادةً وفعلًا.
فالنصيحةُ لله تعالى: توحيدُه ووصفُه بصفاتِ الكمال والجلال، وتنزيهُه عما يُضادُّها ويخالِفُها، وتجنبُ معاصيه، والقيامُ بطاعاته ومحابه بوصفِ الِإخلاصِ، والحبُّ فيه والبغض فيه، وجهادُ مَنْ كفر به تعالى وما ضاهى ذلك، والدعاءُ إلى ذلك، والحثُّ عليه.
والنصيحةُ لكتابه: الِإيمانُ به وتعظيمُه وتنزيهُه، وتِلاوتُه حَقَّ تلاوته،
(١) ص ٢٢٣ - ٢٢٤ في كتابه "صيانة صحيح مسلم من الِإخلال والغلط، وحمايته من الإسقاط والسَّقط ".