وأما قتلُ الممتنع من أداءِ الزكاة، ففيه قولان لمن قال: يقتل الممتنع من فعل الصلاة:
أحدهما: يقتل أيضًا، وهو المشهورُ عن أحمد، ويستدلَ له بحديث ابن عمر هذا.
والثاني: لا يقتل، وهو قولُ مالك، والشافعي، وأحمد في رواية.
وأما الصوم فقال مالك وأحمد في رواية عنه: يُقتل بتركه، وقال الشافعي وأحمد في رواية: لا يقتلُ بذلك، ويستدل له بحديث ابن عمر وغيره مما في معناه، فإنَّه ليس في شيءٍ منها ذكرُ الصوم، ولهذا قال أحمد في رواية أبي طالب: الصوم لم يجئ فيه شيءٍ. قلتُ: قد روي عن ابن عباسٍ مرفوعًا وموقوفاً: إن من ترك الشهادتين أو الصلاة أو الصيام، فهو كافر حلال الدم بخلاف الزكاة والحجِّ. وقد سبق ذكرُه في شرح حديث "بني الإِسلام على خمس ".
وأما الحج، فعن أحمد في القتل بتركه روايتان، وحمل بعضُ أصحابنا روايةَ قتله على من أخره عازمًا على تركه بالكلية، أو أخره وغلب على ظنه الموت في عامه، فأمَّا إن أخره معتقداً أنَّه على التراخي كما يقولُهُ كثير من العلماء، فلا قَتلَ بذلك.
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا بحقِّها" وفي رواية: " إلَّا بحقِّ الإسلام " قد سبق أن أبا بكر أدخل في هذا الحقِّ فعلَ الصلاة والزكاة، وأن من العلماء من أدخل فيه فعلَ الصيامِ والحج أيضًا.
ومن حقها ارتكابُ ما يُبيح دمَ المسلم من المحرمات، وقد ورد تفسيرُ حقها بذلك، خرَّجه الطبراني وابنُ جرير الطبري من حديث أنس عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُمِرْتُ أن أُقَاتِلَ الناسَ حتَّى يقولوا: لا إله إلَّا الله، فإذا قالوها، عَصَمُوا منِّي