للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

دماءَهُم وأموالَهم إلا بحقِّها، وحِسَابُهم على الله عزَّ وجلَّ" قيل: وما حَقُّها؟ قال: "زِنى بعد إحصانٍ، وكفر بعد إيمانٍ، وقتلُ نفسٍ، فيُقتل بها" (١) ولعلَّ آخِرَه من قولِ أنس، وقد قيل: إن الصوابَ وقفُ الحديث كلِّه عليه.

ويشهدُ لهذا ما في "الصحيحين" عن ابن مسعود عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يَحِلُّ دمُ امرئٍ مُسلم يَشْهَدُ أن لا إله إلَّا الله، وأنِّي رسولُ الله إلَّا بإحدى ثلاثٍ: الثَّيِّب الزَّاني، والنفسِ بالنفسِ، والتَّاركِ لدينه المفارقِ للجماعة" وسيأتي الكلَامُ على هذا الحديث مستوفى عندَ ذكره في موضعه من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.

وقولُه - صلى الله عليه وسلم -: "وحِسَابُهُم على الله عزَّ وجلَّ" يعني أن الشهادتين مع إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة تَعصِمُ دمَ صاحبها وماله في الدنيا إلا أن يأتيَ ما يُبِيحُ دَمَهُ، وأما في الآخرة، فحسابُه على اللهِ عزَّ وجلَّ، فإنَّ كان صادقًا، أدخله الله بذلك الجنة، وإن كان كاذبًا، فإنَّه من جملة المنافقين في الدَّرْك الأسفل من النار. وقد تقدَّمَ أن في بعض الروايات في "صحيح مسلم ": ثم تلا {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} (٢) [الغاشية: ٢١ - ٢٦] والمعنى: إنَّما عليك تذكيرُهم بالله، ودعوتهم إليه، ولستَ مسلطًا على إدخالِ الإيمانِ في قلوبهم قهرًا ولا مكلفًا بذلك، ثم أخبر أن مرجعَ العبادِ كلهم إليه وحسابُهم عليه.

وفي "مسند البزار" عن عياض الأنصاري، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إنَّ لا إله إلا الله كلمة على اللهِ كريمةٌ، لها عندَ اللهِ مكان، وهي كلمةٌ من قالها صادقًا،


(١) أورده الهيثمي في " المجمع " ١/ ٢٥ - ٢٦، وقال: رواه الطبراني في " الأوسط "، وفيه عمرو بن هاشم البيروتي، والأكثر على توثيقه.
(٢) تقدم تخريجه قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>