للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فأنزل الله هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ}.

وخَرَّج ابن جرير الطبري في "تفسيره" في حديث أبي هريرة، قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو غضبانُ مُحمارًّا وجهه، حتَّى جلس على المنبرِ، فقام إليه رجل، فقال: أين أنا؟ فقال: "في النار"، فقام إليه آخر فقال: من أبي؟ قال: "أبوك حُذافة"، فقام عمر فقال: رضينا بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد نبيًا، وبالقرآن إمامًا، إنا يا رسول الله حديثو عهدٍ بجاهلية وشركٍ، والله أعلم مَن آباؤنا، قال: فسكن غضبُه، ونزلت هذه الآية: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (١).

وروى أيضًا في طريق العَوْفي عن ابن عباس في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذَّن في الناس، فقال: "يا قوم كُتِبَ عليكُم الحجُّ "، فقام رجل، فقال: يا رسول اللهِ، أفي كلِّ عامٍ؟ فأُغْضِبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - غضبًا شديدًا، فقال: "والذي نفسي بيده، لو قلت: نعم، لوجَبَت، ولو وجبت ما استطعتم، وإذن لكفرتُم، فاتركُوني ما تركتُكم، فإذا أمرتكم بشيءٍ، فافعلوا، وإذا نهيتُكم عن شيءٍ فانتهوا عنه "، فأنزل الله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}، نهاهم عن أن يسألوا مثلَ الذي سألت النَّصارى في المائدة، فأصبحوا بها كافرين، فنهى الله تعالى عن ذلك، وقال: لا تسألوا عن أشياء إن نزل القرآن فيها بتغليظٍ ساءكم، ولكن انتظروا، فإذا نزل القرآنُ، فإنكم لا تسألون عن شيءٍ إلا وجدتُم تبيانه (٢).

فدلَّت هذه الأحاديثُ على النهي عن السُّؤال عمَّا لا يُحتاج إليه مما يسوءُ


(١) رواه الطبري (١٢٨٠٢)، وفيه عبد العزيز بن أبان الأموي، وهو متهم بالكذب، لكنْ تابعه الفريابي عند الطحاوي في. "مشكل الآثار"، وجوّد إسناده الحافظ ابن كثير في "تفسيره" ٣/ ١٩٩!.
(٢) رواه الطبري (١٢٨٠٨)، وإسناده مُسلسَلٌ بالضُّعفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>