للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} [النور: ٢٦]، والمراد: المنزهون من أدناس الفواحش وأوضَارها.

وقوله: "لا يقبل إلا طيبًا" قد ورد معناه في حديث الصدقة، ولفظُه: "لا يتصدَّق أحدٌ بصدقة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبًا … " (١) والمراد أنه تعالى لا يقبل مِن الصدقات إلا ما كان طيبًا حلالًا.

وقد قيل: إن المراد في هذا الحديث الذي نتكلم فيه الآن بقوله: "لا يقبلُ الله إلا طيبًا" أعمُّ مِنْ ذلك، وهو أنَّه لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبًا طاهرًا من المفسدات كلِّها، كالرياء والعُجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيبًا حلالًا، فإنَّ الطيب تُوصَفُ به الأعمالُ والأقوالُ والاعتقاداتُ، فكلُّ هذه تنقسم إلى طيِّبٍ وخبيثٍ.

وقد قيل: إنه يدخل في قوله تعالى: {قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ} [المائدة: ١٠٠] هذا كلُّه.

وقد قسم الله تعالى الكلام إلى طيب وخبيث، فقال: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: ٢٤]، {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: ٢٦]، وقال تعالى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} [فاطر: ١٠]، ووصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه يحلُّ الطيبات ويحرِّمُ الخبائث.

وقد قيل: إنه يدخل في ذلك الأعمالُ والأقوال والاعتقاداتُ أيضًا، ووصف الله تعالى المؤمنين بالطيب بقوله تعالى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: ٣٢] وإن الملائكة تقولُ عند الموت: اخرُجي أيتها النفس الطَّيِّبة كانت في الجسد الطيّب، وإن الملائكة تسلِّمُ عليهم عندَ دُخول الجنة، ويقولون


(١) رواه من حديث أبي هريرة أحمد ٢/ ٤١٨، والبخاري (١٤١٠)، ومسلم (١٠١٤)، والترمذي (٦٦١)، والنسائي ٥/ ٥٧، وابن ماجه (١٨٤٢)، وصححه ابن حبان (٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>