للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

لهم: طبتم، وقد ورد في الحديث أنَّ المؤمن إذا زار أخا له في الله تقول له الملائكة: "طِبْتَ، وطابَ ممشاك، وتبوَّأْت من الجنة منزلًا" (١).

فالمؤمن كله طيب قلبُه ولسانُه وجسدُه بما سكن في قلبه من الِإيمان، وظهر على لسانه من الذكر، وعلى جوارحه من الأعمال الصالحة التي هىٍ ثمرة الإيمان، وداخلة في اسمه. فهذه الطيبات كلُّها يقبلها الله عزَّ وجلَّ.

ومن أعظم ما يحصل به طيبةُ الأعمَال للمؤمن طيبُ مطعمه، وأن يكون من حلال، فبذلك يزكو عملُه.

وفي هذا الحديث إشارةٌ إلى أنَّه لا يقبل العملُ ولا يزكو إلَّا بأكل الحلال، وأنَّ أكل الحرام يفسد العمل، ويمنع قبولَه، فإنَّه قال بعد تقريره: "إن الله لا يقبلُ إلَّا طيبًا" إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ}.

والمراد بهذا أنَّ الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال، وبالعمل الصالح، فما دام الأكل حلالًا، فالعملُ صالح مقبول، فإذا كان الأكلُ غير حلالٍ، فكيف يكون العمل مقبولًا؟

وما ذكره بعد ذلك من الدعاء، وأنَّه كيف يتقبل مع الحرام، فهو مثالٌ لاستبعاد قَبُولِ الأعمال مع التغذية بالحرام. وقد خرَّج الطبراني بإسناد فيه نظر عن ابن عباسٍ، قال: تُليَتْ هذه الآية عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا} [البقرة: ١٦٨]، فقام سعدُ بنُ أبي وقاص، فقال: يا رسول الله، ادعو الله أنَّ يجعلني مستجابَ الدعوة، فقال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا سعد،


(١) رواه من حديث أبي هريرة أحمد ٢/ ٣٢٦، والترمذي (٢٥٠٨)، وابن ماجه (١٤٤٣)، وابن حبان (٢٩٦١)، وفي سنده عيسى بن سنان القسملي، وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>