للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المراد من هذه الأحاديث أنَّه لا يُتَقبَّلُ منه: بمعنى أنَّه لا يُؤْجَرُ عليه، بل يأثمُ بتصرفه في مال غيره بغير إذنه، ولا يحصلُ للمالك بذلك أجرٌ، لعدم قصده ونيته، كذا قاله جماعةٌ من العلماء، منهم: ابنُ عقيلٍ من أصحابنا، وفي كتاب عبد الرزاق من رواية زيد بن الأخنس الخزاعي أنَّه سال سعيد بنَ المسيب قال: وجدت لقطةً، أفأتصدق بها؟ قال: لا تُؤجر أنت ولا صاحبُها (١). ولَعلَّ مرادَه إذا تَصدَّقَ بها قبلَ تعريفها الواجب. ولو أخذ السلطانُ، أو بعضُ نوابه من بيت المال ما لا يستحقه، فتصدق منه أو أعتق (٢)، أو بنى به مسجدًا أو غيره مما ينتفع به الناسُ، فالمنقولُ عن ابنِ عمر أنَّه كالغاصبِ إذا تصدق بما غصبه، كذلك قال لعبد الله بن عامر أميرِ البصرة، وكان الناس قد اجتمعُوا عنده في حال موته وهم يُثنون عليه ببرة وإحسانه، وابن عمر ساكتٌ، فطلب منه أنَّ يتكلَّم، فروى له حديث: "لا يقبلُ الله صدقةً من غُلولٍ"، ثم قال له: وكنت على البصرة (٣).

وقال أسدُ بنُ موسى في "كتاب الورع ": حدثنا الفضيلُ بن عياض، عن منصور، عن تميم بن سلمة قال: قال ابنُ عامر لعبد الله بنِ عمر: أرأيتَ هذا العقاب التي نُسَهِّلُها، والعيون التي نُفجِّرُها، أَلَنا فيها أجرٌ؟ فقال ابن عمر: أما علمتَ أنَّ خبيثًا لا يُكَفِّرُ خبيثًا قط؟

حدثنا عبدُ الرحمن بنُ زياد، عن أبي مليح، عن ميمون بنِ مِهران قال: قال ابنُ عمر لابنِ عامر وقد سأله عن العتق: مَثَلُكَ مثلُ رجلٍ سرق إبلَ حاجٍّ، ثم جاهد بها في سبيل الله، فانظر هل يقبل منه؟

وقد كان طائفة من أهل التشديد في الورع كطاووسٍ ووهيب بن الورد


(١) انظر "مصنف عبد الرزاق" (١٨٦٢٢).
(٢) في (أ) و (ب): "وأعتق".
(٣) رواه أحمد ٢/ ٢٠ و ٥١ و ٧٣، ومسلم (٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>