الصامت ومعاوية، والحسن البصري، وهو يشبه مذهب ابن مسعود وابن عباس لأنهما كانا يريان أنَّ يتصدَّق بالمال الذي لا يعرف صاحبه، قال: وقدَ أجمعوا في اللقطة على جواز الصدقة بها بعد التعريف وانقطاع صاحبها، وجعلوه إذا جاء مخيرًا بين الأجر والضمان، وكذلك الغصوب. انتهى.
وروي عن مالك بن دينار، قال: سألتُ عطاء بن أبي رباح عمن عنده مالٌ حرام، ولا يعرف أربابه، ويريدُ الخروج منه؟ قال: يتصدق به ولا أقول: إن ذلك يُجزئ عنه. قال مالك: كان هذا القول من عطاء أحبَّ إلي من وزنه ذهبًا.
وقال سفيان فيمن اشترى من قوم شيئًا مغصوبًا: يردة إليهم، فإنَّ لم يقدر عليهم، تصدَّق به كلَّه، ولا يأخذ رأس ماله، وكذا قال فيمن باع شيئًا ممن تكره معاملته لشبهة ماله، قال: يتصدَّقُ بالثمن، وخالفه ابنُ المبارك، وقال: يتصدق بالرِّبح خاصَّةً. وقال أحمد: يتصدَّق بالربح.
وكذا قال فيمن ورث مالًا من أبيه، وكان أبوه يبيعُ ممَّن تكره معاملته: أنَّه يتصدَّق منه بمقدار الرِّبح، ويأخذ الباقي. وقد رُوي عن طائفةٍ من الصَّحابة نحوُ ذلك: منهم عمرُ بنُ الخطاب، وعبدُ الله بنُ يزيد الأنصاري.
والمشهور عن الشافعي رحمه الله في الأموال الحرام أنّها تُحفظ، ولا يُتَصَدَّقُ بها حتى يظهر مستحقُّها.
وكان الفضيلُ بنُ عياض يرى أنَّ من عنده مالٌ حرامٌ لا يعرف أربابه، أنَّه يُتلفه، ويُلقيه في البحر، ولا يتصدَّق به، وقال: لا يتقرَّب إلى الله إلَّا بالطيب. والصحيح الصدقةُ به؛ لأنَّ إتلاف المال واضاعته منهيٌّ عنه، و إرصاده أبدًا تعريض له للإتلاف، واستيلاء الظلمة عليه، والصدقة به ليست عن مكتسبه
= ما غل قبل القسمة، وأما بعدها، فقال الثوري والأوزاعي ومالك: يدفع إلى الإمام خمسه، ويتصدق بالباقي.