للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

النفس بشيئين: أحدهما: بالنفس، والثاني: بالفساد في الأرض، ويدخل في الفساد في الأرض: الحراب والرِّدَّة، والزنى، فإنَّ ذلك كلَّه فساد في الأرض، وكذلك تكرُّر شرب الخمر والإصرار عليه هو مظنةُ سفكِ الدِّماء المحرمة. وقد اجتمع الصحابة في عهد عمر على حدِّه ثمانينَ، وجعلوا السكر مَظِنَّة الافتراءِ والقذفِ الموجب لجلد الثمانين (١)، ولمَّا قدِمَ وفدُ عبدِ القيس على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ونهاهُم عن الأشربة والانتباذِ في الظُّروف قال: "إنَّ أَحَدَكُم ليقومُ إلى ابن عمه - يعني: إذا شرب - فيضربه بالسَّيف"، وكان فيهم رجلٌ قد أصابته جراحةٌ مِنْ ذلك، فكان يخبؤها حياءً من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢) فهذا كلُّه يرجعُ إلى إباحة الدَّم بالقتل إقامة لمظان القتل مقامَ حقيقته، لكن هل نسخ ذلك أمَ حكمه باق هذا هو محلّ النزاع.

وأما تركُ الدين، ومفارقةُ الجماعة، فمعناه الارتدادُ عن دينِ المسلمين ولو أتى بالشهادتين، فلو سبَّ الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو مقرٌّ بالشهادتين، أُبيح دمُه؛ لأنَّه قد ترك بذلك دينه.

وكذلك لو استهان بالمُصحف، وألقاه في القاذورات، أو جحد ما يُعلم من الدِّين بالضَّرورة كالصلاة، وما أشبه ذلك ممَّا يخرج منَ الدِّين.

وهل يقومُ مقامَ ذلك تركُ شيءٍ مِنْ أركان الإِسلام الخمس؟ هذا ينبني على أنَّه هل يخرج من الدين بالكُلِّيَّة بذلك أم لا؟ فمن رآه خروجًا عنِ الدِّين، كان عنده كتركِ الشَّهادتين وإنكارهما، ومن لم يره خروجًا عن الذين، فاختلفوا هل


(١) رواه مالك ٢/ ٨٤٢، وعنه الشافعيُّ ٢/ ٩٠ عن ثور بن زيد الديلي عن عمر، وهذا إسناد منقطع، ثور بن زيد لم يدرك عمر، ووصله الحاكم في "المستدرك" ٤/ ٣٧٥ - ٣٧٦ من طريق ثور بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ، وصححه ووافقه الذهبي. وانظر "التلخيص" ٤/ ٧٥ - ٧٦.
(٢) رواه أحمد ٣/ ٢٢ ومسلم (١٨) من حديث أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>