للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

خصالٍ: إما أن يترك دينه ويفارق جماعة المسلمين، وإمَّا أن يزني وهو محصن، وإما أن يقتل نفسًا بغير حقٍّ.

فيؤخذ منه أن قتل المسلم لا يُستباح إلَّا بأحد ثلاثة أنواع: تركِ الدين، وإراقةِ الدم المحرَّم، وانتهاك الفرج المحرّم، فهذه الأنواع الثلاثة هي التي تُبيح دم المسلم دون غيرها.

فأمَّا انتهاكُ الفرج المحرّم، فقد ذكر في الحديث أنَّه الزنى بعد الإِحصان، وهذا - والله أعلم - على وجه المثال، فإنَّ المحصن قد تمَّت عليه النعمة بنيل هذه الشهوة بالنِّكاح، فإذا أتاها بعد ذلك مِنْ فرجٍ محرَّم عليه، أُبيح دمه، وقد ينتفي شرط الِإحصان، فيخلفه شرط آخر، وهو كون الفرج لا يُستباحُ بحال، إمَّا مطلقًا كاللواط، أو في حقِّ الواطئ، كمن وطئ ذاتَ محرم بعقد أو غيره، فهذا الوصف هل يكون قائمًا مقامَ الِإحصان وخلفًا عنه؟ هذا هو محلّ النِّزاع بين العلماء، والأحاديثُ دالَّةٌ على أنَّه يكون خلفًا عنه، ويُكتفى به في إباحة الدم.

وأما سفك الدَّم الحرام، فهل يقومُ مقامه إثارة الفتن المؤدية إلى سفك الدماء، كتفريق جماعة المسلمين، وشقِّ العصا، والمبايعةِ لإِمامٍ ثانٍ، ودلِّ الكُفَّارِ على عورات المسلمين؟ هذا هو محلُّ النزاع. وقد روي عن عمر ما يَدُلُّ على إباحة القتل بمثل هذا.

وكذلك شهرُ السلاحِ لطلب القتل: هل يقومُ مقامَ القتل في إباحة الدم أم لا؟ فابنُ الزبير وعائشة رأياه قائمًا مقام القتل الحقيقي في ذلك (١).

وكذلك قطعُ الطَّريق بمجرَّده: هل يبيحُ القتلَ أم لا؟ لأنَّه مظِنَّةٌ لسفك الدِّماء المحرّمة، وقول الله عزَّ وجلَّ: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢]، يدلُّ على أنَّه إنَّما يُباحُ قتل


(١) انظر ص ٢٧٣ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>