للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

- صلى الله عليه وسلم -: "الضيافة ثلاثة أيام، فما زاد فهو صدقة" (١)، ولو كان كما ظنَّ هذا، لكان أربعة.

قلتُ: ونظيرُ هذا قولهُ تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ} إلى قوله: {وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ} [فصلت: ١٠] والمراد: في تمام الأربعة.

وهذا الحديث الذي احتجَّ به أحمد قد تقدَّم من حديث أبي شُريح، وخرَّجه البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليحسن قِرى ضيفه". قيل: يا رسول الله، وما قِرى الضيف؟ قال: "ثلاث، فما كان بعدُ، فهو صدقة" (٢).

قال حميد بن زنجويه: عليه أن يتكلَّف له في اليوم والليلة من الطعام أطيب ما يأكله هو وعيالُه، وفي تمام الثلاث يطعمه من طعامه، وفي هذا نظر. وسنذكر حديثَ سلمان بالنَّهي عَنِ التَّكلُّف للضَّيف، ونقل أشهبُ عن مالكٍ، قال: جائزتُه يومٌ وليلةٌ يُكرمه ويُتحفه ويخصه يومًا وليلةً وثلاثة أيَّام ضيافة، وكان ابنُ عمر يمتنع من الأكل مِنْ مالِ مَنْ نزل عليه فوق ثلاثة أيام، ويأمر أن يُنفَقَ عليه من ماله (٣). ولصاحب المنزل أن يأمر الضيف بالتحوَّل عنه بعد الثلاث؛ لأنَّه قضى ما عليه، وفعل ذلك الإمام أحمد.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) هذا سَبْق قلم من المؤلف -رحمه الله-، فإن لفظ البخاري (٦١٣٦) و (٦١٣٨): "مَنْ كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرمْ ضيفه". واللفظ الذي أورده المصنف رواه الخرائطي في "مكارم الأخلاق" كما في "الجامع الكبير" ٢/ ٨٢٦.
(٣) روى ابن أبي شيبة ١٢/ ٤٧٨ من طريق جرير عن الأعمش عن نافع، قال: نزل ابن عمر بقوم، فلما مضى ثلاثة أيام قال: يا نافع، أنفق علينا، فإنه لا حاجة لنا أن يتصدق علينا. ورواه أبو نعيم في "الحلية" ١/ ٣١١ بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>