للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الخيرِ، ليحفظها عنه خشيةَ أن لا يحفظها لكثرتها، فوصاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يغضب، ثم ردَّدَ هذه المسألة عليه مرارًا، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يردِّدُ عليه هذا الجوابَ، فهذا يدلُّ على أن الغضب جِماعُ الشرِّ، وأن التحرُّز منه جماعُ الخير.

ولعلَّ هذا الرجلَ الذي سأل النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - هو أبو الدرداء، فقد خرَّج الطبراني من حديث أبي الدرداء قال: قلتُ: يا رسولَ الله دلني على عمل يدخلني الجنة، قال: "لا تَغْضَبْ ولك الجَنَّةُ" (١).

وقد روى الأحنفُ بنُ قيسٍ، عن عمه جارية بن قدامة أن رجلًا قال: يا رسولَ اللهِ قُلْ لي قولًا، وأقْلِلْ عليَّ لعلي أعقِلُهُ، قال: "لا تغضب"، فأعاد عليه مرارًا كُلُّ ذلك يقول: "لا تَغضَبْ" خرجه الإمام أحمد (٢)، وفي رواية له (٣) أن جارية بن قُدامة قال: سألت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فذكره.

فهذا يغلب على الظنِّ أن السائلَ هو جارية بنُ قدامة، ولكن ذكر الإمامُ أحمد عن يحيى القطان (٤) أنه قال: هكذا قال هشام، يعني: أن هشامًا ذكر في الحديث أن جارية سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال يحيى: وهم يقولون: لم يُدرك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، وكذا قال العجليُّ وغيرُه: إنه تابعي وليس بصحابي.

وخرَّج الإمامُ أحمد من حديث الزهري، عن حُميد بنِ عبد الرحمن، عن


(١) ذكره الهيثمي في "المجمع" ٨/ ٧٠، وقال: رواه الطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وأحد إسنادي "الكبير" رجاله ثقات.
(٢) ٣/ ٤٨٤ و ٥/ ٣٤، وإسناده صحيح، ورجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيِّه جارية بن قدامة، فقد روى له النَّسَائِي في "مسند علي" وصححه ابن حبان (٥٦٨٩) و (٥٦٩٠).
(٣) هو في "المسند" ٥/ ٣٤، ورجاله ثقات رجال الشيخين أيضًا.
(٤) ذكره في "المسند" بإثر الروايتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>