للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رجلٍ من أصحاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: قلتُ: يا رسولَ الله أوصني، قال: "لا تَغْضَبْ" قال الرجل: ففكرتُ حين قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ما قال، فإذا الغَضَبُ يجمع الشرَّ كُلَّه (١) ورواه مالك في "الموطأ" (٢) عن الزهري عن حُميد، مرسلًا.

وخرَّج الإمامُ أحمد من حديث عبد اللهِ بنِ عمرو أنه سأل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -: ماذا يُبَاعِدُني مِنْ غَضَبِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ قال: "لا تَغْضَب" (٣).

وقول الصحابي: ففكرتُ فيما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فإذا الغضبُ يجمع الشرَّ كلَّه يشهد لما ذكرناه أن الغضبَ جماعُ الشرِّ، قال جعفر بنُ محمد: الغضبُ مفتاحُ كلِّ شرٍّ. وقيل لابنِ المبارك: اجْمَعْ لنا حسنَ الخلق في كلمة، قال: تركُ الغضبِ.

وكذا فسر الإمام أحمد، وإسحاقُ بنُ راهويه حسنَ الخلق بتركِ الغضب، وقد رُوي ذلك مرفوعًا، خرجه محمدُ بن نصر المروزي في كتاب "الصلاة" (٤) من حديث أبي العلاء بن الشِّخِّير أن رجلًا أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - مِن قِبَلِ وجهه، فقالَ: يا رسولَ الله أيُّ العملِ أَفضلُ؟ قال: "حُسْنُ الخُلُق" ثم أتاه عن يمينه، فقال: أيُّ العمل أفضل؟ قال: "حسنُ الخُلُقِ"، ثم أتاه عن شِماله فقال: يا رسول الله، أيُّ العمل أفضل؟ قال: "حسنُ الخُلُقِ"، ثم أتاه من بعده، يعني: من خلفه، فقال: يا رسولَ الله أيُّ العملِ أفضلُ؟ فالتفت إليه رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: "مالك لا تَفْقَهُ! حُسْنُ الخُلُقِ هو أن لا تَغْضَبَ إن استطعْتَ". وهذا مرسل.

فقولُه - صلى الله عليه وسلم - لمن استوصاه: "لا تَغْضَبْ" يحتَملُ أمرين:


(١) "المسند" ٢/ ١٧٥، ٣٦٢، ٤٦٦، و ٣/ ٤٨٤، و ٥/ ٣٤، ٣٧٠، ٣٧٢، ٣٧٣.
(٢) ٢/ ٩٠٦.
(٣) "المسند" ٢/ ١٧٥، وصححه ابن حبان (٢٩٦).
(٤) رقم (٨٧٨)، وهو على إرساله، رجاله ثقات، رجال الشيخين.

<<  <  ج: ص:  >  >>