للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

جُرعَةً أفضلَ عندَ اللهِ من جُرعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُها ابتغاءَ وجهِ الله عزَّ وجلَّ" (١) ومِن حديث ابنِ عباسٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا مِنْ جُرْعَةٍ أحبَّ إلى اللهِ من جُرعةِ غَيظٍ يَكظِمُها عبد، ما كظم عبدٌ لله إلا ملأ الله جوفَه إيمانًا" (٢). وخرَّج أبو داود معناه من رواية بعضِ الصحابة عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: "ملأه الله أمنًا وإيمانًا" (٣).

وقال ميمون بن مِهران: جاء رجلٌ إلى سلمان، فقال: يا أبا عبدِ الله أوصني، قال: لا تغضب، قال: أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملِكُ، قال: فإن غضبتَ، فامْلِكْ لِسانك ويَدَك. خرَّجه ابن أبي الدنيا، وملكُ لسانه ويده هو الذي أشار إليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأمره لمن غَضِبَ أن يجلس، ويضطجع وبأمره له أن يسكت.

قال عمرُ بنُ عبد العزيز: قد أفلحَ مَنْ عُصِمَ من الهوى، والغضب، والطمع (٤).

وقال الحسن: أربعٌ من كُنَّ فيه عصمه الله من الشيطان، وحرَّمه على النار: مَنْ ملك نفسَه عندَ الرغبة والرهبة والشهوةِ والغضبِ.

وهذه الأربع التي ذكرها الحسن هي مبدأ الشرِّ كُلِّه، فإن الرغبةَ في الشيء هي ميلُ النفس إليه لاعتقاد نفعه، فمن حصل له رغبةٌ في شيءٍ، حملته تلك


(١) صحيح، رواه أحمد ٢/ ١٢٨، وابن ماجه (٤١٨٩) ورجاله ثقات.
الجُرعة، بضم الجيم، وهي الاسم من التجرع، أي: الشرب، ويجوز فتحها، وهي المرة الواحدة منه، والجرعة بالضم أيضًا: ملء الفم يبتلعها. وتجرع الجرعة: شربها وابتلعها، وجرع الغيظ: كظمه، على المثل بذلك. قال ابن الأثير: كظم الغيظ: تجرعه واحتمال سببه، والصبر عليه.
(٢) رواه أحمد ١/ ٣٢٧، وسنده ضعيف.
(٣) برقم (٤٧٧٨) وسنده حسن في الشواهد، وهذا منها.
(٤) ذكره أبو نعيم في "الحلية" ٥/ ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>