الرغبة على طلب ذلك الشيء من كل وجه يَظُنُّه موصلًا إليه؛ وقد يكون كثير منها محرمًا؛ وقد يكون ذلك الشيء المرغوبُ فيه محرمًا.
والرهبة: هي الخوفُ من الشيء، وإذا خاف الإنسان من شيء تسبب في دفعه عنه بكلِّ طريق يظنه دافعًا له، وقد يكون كثير منها محرَّمًا.
والشهوة: هي ميلُ النفس إلى ما يُلائمها، وتلتذُّ به، وقد تميل كثيرًا إلى ما هو محرَّم كالزنى والسرقة وشرب الخمر، بل وإلى الكفر والسحر والنفاق والبدع.
والغضب: هو غليانُ دم القلب طلبًا لدفع المؤذي عندَ خشية وقوعه، أو طلبًا للانتقام ممن حصل منه الأذى بعدَ وقوعه، وينشأ من ذلك كثيرٌ من الأفعال المحرمة كالقتل والضرب وأنواعِ الظلم والعُدوان؛ وكثيرٍ من الأقوال المحرَّمة كالقذفِ والسبِّ والفحشَ، وربما ارتقى إلى درجة الكفر، كما جرى لجبلة بن الأيهم (١)، وكالأيمان التي لا يجوزُ التزامُها شرعًا، وكطلاق الزوجة الذي يُعقب الندمَ.
والواجبُ على المؤمن أن تكون شهوتُه مقصورةً على طلب ما أباحه الله له، وربما تناولها بنيةٍ صالحةٍ، فأثيب عليها، وأن يكونَ غضبه دفعًا للأذى في الدين له أو لغيره وانتقامًا ممن عصى الله ورسولَه، كما قال تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (١٤) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ} [التوبة: ١٤، ١٥].
وهذه كانت حالَ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنه كان لا ينتقِمُ لنفسه، ولكن إذا انتهكت
(١) هو جبلة بن الأيهم بن جبلة الغسّاني، من آل جفنة: آخر ملوك الغساسنة في الشام. أسلم وهاجر إلى المدينة ثم ارتد، وخرج إلى بلاد الروم ولم يزل فيها حتى توفي سنة ٢٠ هـ. انظر أخباره في "الأغاني" ١٥/ ١٦٦، و"شرح المقامات" ٢/ ٩٧ - ٩٩ للشريشي و"خزانة الأدب" ٤/ ٣٩٢ - ٤٠٠.