للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ} [المجادلة: ٢٢]. وقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قيام شهر رمضانَ: "إنِّي خشيتُ أن يُكْتَبَ عَلَيكُمْ" (١) وقال: "أُمِرْتُ بالسِّواكِ حتى خشيتُ أن يُكتَبَ عليَّ" (٢)، وقال: "كُتِبَ على ابنِ آدمَ حظُّه من الزِّنى، فهو مُدرِكٌ ذلك لا محالة" (٣).

وحينئذ فهذا الحديث نصٌّ في وجوب الإحسان، وقد أمر الله تعالى به، فقال: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠]، وقال: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: ١٩٥].

وهذا الأمرُ بالإحسانِ تارةً يكونُ للوجوب كالإحسان إلى الوالدين والأرحام بمقدار ما يحصل به البر والصِّلَةُ والإحسانُ إلى الضيف بقدر ما يحصل به قِراه على ما سبق ذكره.

وتارةً يكونُ للندب كصدقةِ التطوعِ ونحوها.

وهذا الحديثُ يدلُّ على وجوب الإحسانِ في كل شيء من الأعمال، لكن إحسانُ كُلِّ شيء بحسبه، فالإحسانُ في الإتيان بالواجبات الظاهرة والباطنةِ: الإتيانُ بها على وجه كمال واجباتها، فهذا القدرُ من الإحسان فيها واجب، وأمَّا الإحسانُ فيها بإكمالِ مستحباتها فليس بواجب.


= حمادة
(١) رواه البخاري (٧٢٩) من حديث عائشة ورواه أحمد ٥/ ١٨٢ و ١٨٤ و ١٨٧، والبخاري (٧٢٩٠)، والنسائي ٣/ ١٩٨ من حديث زيد بن ثابت.
(٢) رواه أحمد ٣/ ٤٩٠ من حديث واثلة بن الأسقع، وفي سنده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.
(٣) رواه البخاري (٦٣٤٣) و (٦٦١٢) ومسلم (٢٦٥٧) وأبو داو (٢١٥٢) عن ابن عباس قال: ما رأيتُ شيئًا أشبه باللمم مما قاله أبو هُريرة: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله كتب على ابن آدم حظَّه من الزِّنى، أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظرُ، وزى اللسان النطقُ، والنفس تمنَّى وتشتهي، والفرج يُصدِّق ذلك أو يكذِّبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>